والثاني: في محله وكيفيته، وهما سجدتان بينهما جلسة يُسَنَّ في هيئتها الافتراش، وبعدهما إلى أن يسلم يتورَّك، وكتب الأصحاب سَاكِتَةٌ عن الذكرِ فيهما، وذلك يُشْعِرُ بأن المحبوب فيهما هو المحبوب في سجدات صلب الصلاة كَسَائِرِ ما سكتوا عنه من واجبات السّجود ومحبوباته، وسمعت بعض الأئمة يحكي أنه يستحب أن يقول فيهما: "سُبْحَانَ مَنْ لاَ يَنَامُ وَلاَ يَسْهُو" (?) وهو لائق بالحال (?).
وفي محلهما ثلاثة أقوال:
أصحها: أنه قبل السلام.
روي عن عَبْدِ اللهِ ابْنِ بَحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرِ فَقَامَ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوَلَتَيْنِ لَم يَجلِسْ فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ" (?)، ولحديث أبي سعيد وعبد الرَّحْمن -رضي الله عنهما- المذكورين في الشَّكِّ في عدد الركعات.
والثاني: وبه قال مالك والمزني -رحمهما الله-: أنه إن سَهَا بزيادَةِ فِعْلٍ سَجَدَ بعد السَّلاَمِ، وإن كان بنقصان سجد قبل السَّلاَم، أما أنه يسجد في الزيادة بعد السلام فلقصة ذي اليدين فإن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سَلَّمَ وَتَكَلَّمَ وَمَشِيَ فَلَمَّا بَنَى عَلَى صَلاَتِهِ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ".
وأما أنه يسجد في النقصان قبل السلام فلحديث عبد الله ابن بحينة.
والثالث: أنه مخير إن شاء قدم، وإن شاء أخر؛ لثبوت الأمرين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذان القولان الأخيران منقولان عن القديم، والأول هو الجديد الصحيح، وقد نقل عن الزُّهْري: "أَنَّ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الْسُّجُودُ قَبْلَ السَّلاَمِ" (?).
ثم هذا الاختلاف في الإجزاء على المشهور بين الأصحاب وحكى القاضي ابْنُ