يجوز أن يدفع إلى الرجل كسوةَ المرأةِ، وفي "المهذب" وجهٌ: أنه لا يجزئ، إنْ كان المدفوعُ إليه رجلاً، ولا فرق في كل جنس بين الجيِّدِ والرديءْ، والمتوسِّط، ويتبع الاسم، وعن القاضي الحُسَين: أنه لو قِيلَ باعتبار الكسوة الغالبة في أهل البلدة، كالطعام، لم يَبْعُد، وفي الدرع وجهان:
أحدهما: أنه يجزئ؛ لأنها ملبوسةٌ محيطةٌ بالبدن، ولذلك تجب الفدية على المُحْرِم بلبسها.
وأظهرهما: المنع؛ لأن المتَّبَع فيما نحْن فيه اسمُ الكِسْوة، ولا يُسَمَّى الدرع كسوةً، وإن كانت ملبوسةً، وأُجْرِي الوجهان في الشَّمْشَق، وهو المكَعَّب، وفي القَلَنْسُوة، قال الإمامُ: وسبب الاختلاف إطلاق اسم اللبس وامتناع اسم الكسوة، ويُحْكَى عن أبي إسَحاق: إجزاء الْقَلَنْسُوة، واحتج له بما رُوِيَ أن عِمْرَانَ بن حصين -رضي الله عنه- سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِذَا قَدِمَ وَفْدٌ عَلَى الأَمِيرِ , فَأَعْطَاهُمْ قَلَنْسُوَة، قِيلَ: قَدْ كَسَاهُمْ (?) وأجريا أيضاً في الخف والتُّبَّانِ، وهو: سراويلٌ قصيرةٌ لا تبلغ الرُّكبة، والظاهر في الكلِّ المنْعُ، وقطع به بعضهُم في الخُفِّ، وفي النعل طريقان:
أشبههما: على ما ذكر الإِمام وصاحبُ الكتاب -رحمهما الله-: إجراء الخلاف.
والثاني: القطعُ بالمنع، كما في المِنْطَقَةِ والخَاتَم، وليكن الجَوْرَبُ كالنعْل، ولا تجزئ التِّكَّةُ وفي "جمع الجوامع" للرويانيِّ إجراء الخلاف فيها، وذكر الصيدلانيُّ، أن القميص من اللبد يجزئ في اللبد الذي جرت العادة بلْبِسهِ؛ لغالب الناس أو لِنَا دِرِهِمْ (?).
قَالَ الْغَزَالِيُّ: النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي المُلْتَزِمِ، وَهُوَ كُلُّ مُكَلَّفٍ حَنِثَ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْداً مُسْلماً كَانَ أَوْ كَافِرًا بَقِيَ حَيّاً أَوْ مَاتَ لَكِنَّ العَبْدَ لَيْسَ عَلَيْهِ إلاَّ الصَّوْمُ لأَنَّهُ لاَ يَمْلِكِ بِالتَّمْلِيكِ (و)، وَلِلسَّيِّدِ المَنْعُ مِنْهُ لأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَوِيّاً بِحَيْثُ لاَ تَمْتَنِعُ الخِدْمَةُ، وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ وَيَكْسُو بَعْدَ مَوْتِهِ إِذْ لاَ رِقَّ بَعْدَ المَوْتِ، وَفِي الإِعْتَاقِ عَنْهُ وَجْهَانِ.