يكونَ عندهما، ويجوزُ وضْعُه عند عدْلِ يثقان به، وهو أحوطُ وأبعدُ عن النزاع، وأنَّه، لو قال أحدهما: ينزل السبَقُ عندنا، وقال الآخر: نضعه عند عدل، نُظِر؛ إن كان المُلتَزَمُ دَيْناً، أُجيبَ الأول، وإن كان عَيْنًا، أُجِيب الثاني، وأنهما لو اتفقا على إخراجه من اليد، وقال أحدهُما: نضعه عند زيد، وقال الآخر: عند عمر، واختار الحاكم أميناً، وهل يتعيَّن أحد الأمينَيْنِ المتنازَع فيهما أوله أن يختار غيرهما؟ فيه وجهان، وأنه لا أجرة للأمين إلا إذا اطَّرَدَ العَرْفُ بأجرة له؟ ففيه وجهان.
وفيه: أنَّ المحلِّل ينبغي أن يجري فرسه بين فرسَي المتسابقين، وإن لم يتوسطهما، وأَجْرَى من أحد الجانبين، جاز، إن تراضيا به، وأنه لو رضي أحدهُما بأن يعدل عن الوسط، ولم يرض الثاني، لزمه التوسُّط، وأنهما لو تراضيا بأن لا يتوسَّط، ولكن قال أحدهما: يكون على اليمين، وقال الآخر: على اليسار، ألزم التوسُّط، وأنه، لو تنازع المتسابقان في اليمين واليسار، أُقْرع بينهما، قال في "المختصر": الصلاة جائزة في المَضْرَبَة والأَصَابع، إذا كان جلْدُهما ذكيًا ومدبوغًا من جلْد ما لاَ يُؤْكَل لحمُه سوى الكَلْب والخِنْزِير، والمضربةُ هي التي يُلْبِسُها الرامي كفَّه اليسرَى حتى لا يصيبها الوتَر، قال الشيخ أبو حامد: الأصحاب يقولَون: "المضَّربة"، ولفظ الشَّافعيِّ "المَضْرَبَة" بالتخفيف، يعني بها الآلات، والأصابع: جلْد الرامي في إبهامه ومسبحته من اليد اليمنَى؛ ليمد الوتر، والغرض أنه لا بأس باستصحابهما في الصلاة بشرط الطهارة، ويتعلق النظر أيضاً بأنَّ كشْف اليد في السجود، هل يجب؟ قال: ولا بأس أن يُصلِّي متنكّبًا القوس والقرن إلا أن يتحرَّكَا علَيْه حركةً تشغلُه، فأكْرَههُ ويجزئه، والتَّنكُّب التقلُّد، والقَرَن بتحريك الراء الجَعْبَة المشقُوقة، ولا بدّ من رعاية الطهارة. لا يُجْلَب على الفرس في السباق، وهو أن يصيح به القوم ليزيد في عَدْوه، ولكن يركضان بتَحْريك اللجام والاستحثاث بالسَّوْط، رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ أَجْلَبَ عَلَى الخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ، فَلَيْسَ مِنَّا" ويُرْوَى (?) "لاَ جَلَبَ وَلاَ جَنَبَ" وذكر في معنى الجنب: أنهَم كانوا يُجنِّبون الفَرَس حتى إذا قاربوا الأمد، تحوَّلُوا عن المركوب الذي قد كدّه الركوب إلى الجنبة، فنُهُوا عنه. إذا وقف المتناضلان في الموْقِف، فهل يحتاج مَنْ يرمي إلى أن يستأذن صاحِبَه، قال القاضي ابنُ كج: جرت عادة الرماة بالاستئذان، حتى أنَّ مَنْ رمَى من غير استئذان، لم يُحْسَب ما رماه، أصاب أم أخطأ، ويجب اتِّباع عُرْفِهِم بالاستئذان، وقال أبو الحسين: يُحْسَب، ولا حاجة إلى الاستئذان، واللهُ أَعْلَمُ بالصواب.