لغاية صِغَر الغرض، وأخرى لغاية بُعْد المسافة، وأخرى لكثرة الإِصابة المشروطة، كاشتراط الإِصابة من مائة رَشَق على التوالي، وفي "المهذَّب" و"التهذيب": وجهٌ أنه لو شرط إصابة عشرة من عشرة، يصح العقد، فيجوز أن يُعْلم لذلك قولُه في الكتاب "وهذا فاسد".
وإن شرط ما هو واجب في العادة كإصابة الحاذق واحداً من مائة، ففي صحة العقد وجهان:
أحدهما: المَنْعُ؛ لأن هذه المعاملة ينبغي أن يكون فيها خطر؛ ليسعى العاقد ويتأنقَّ في الرمي بمشاهدة رمْيهِ.
وإن كان المشروط قد سبق حصوله، لكنَّه نادر، فوجهان، ويُقال قولان:
أحدهما: يَصِحُّ العقد؛ لإِمكان تحصيل المقصود، ولأن حَذَقَ الرامِي يظهر به.
وأقواهما: الفساد؛ ووجّه بأن الشرع، إنما يسوغ بذل المال في هذه المعاملة تحريضاً على الرمي، فهذا كان المشروط بعيد الحصُول، تبرمت النفوس به، ويجري هذا الخلاف في كل صورة تندر فيها الإِصابة المشروطة، ومنها التناضل إلى مسافة تندُرُ فيها الإِصابة، والتناضل في الليلة المظلمة، وإن كان الغرض قد يتراءى لهما، ويقرب هذا الخلاف من الخلاف فيما إذا نوى الإِمام الإِقامةَ في موضع من المفازة، ليس (?) هو موضع للإِقامة هل يصير مقيماً؟ ويقرب من هذه الاختلافاتِ ما ذكر الأئمة؛ أن المناضلَيْنِ ينبغي أن يكونا متقاربَيْن؛ بحيث يحتمل أن يكون كلُّ واحد منهما ناضلاً ومنضولاُ، فإن تفاوتا، وكان أحدهما مُصِيباً في أكثر ما يرمي، والآخر مخطئاً في أكثر ما يرمي، فوجهان؛ ظاهر قول أبي إسحاق: المنع؛ لأن حَذَق الناضل معلومٌ بغير نضال، فأخذه المال كأخذه بلا نضال، ويتعلق بهذا الشرط أن المحلِّل الذي يدخله المتناضلان بينهما ينبغي أن يكُونَ بحيث يُتوقَّع، فوزه وقُصُوره، فإن علم أنه لا يفوز، لم يصلح محللاً، وكان وجوده كعدمه، وإن كان يُعلم بأنه يفوز، فعلى الوجهين المذكورين في إصابة واحد من مائة، وفيما إذا التزم أحد المتسابقين المال، والآخرُ بحيث لا يفوز.
قَالَ الغَزَالِيُّ: الرَّابِعُ: الإِعْلاَمُ: وَيَجِبُ إِعْلاَمُ مِقْدَارِ المَالِ وَعَدَدِ الإِصَابَةِ، وَأَمَّا المَسَافَةُ بَيْنَ المَوْقِفِ وَالهَدَفِ وَعَرْضُ الهَدَفِ وَقَدْرُ ارْتِفَاعِهِ مِنَ الأَرْضِ فَفِي اشْتِرَاطِ إِعْلاَمِهِ قَوْلاَنِ، فَفِي قَوْلٍ: يَجِبُ، وَفِي قَوْلٍ: يَنْزِلُ عَلَى العَادَةِ، أَمَّا عَدَدُ الأَرْشَاقَ وَهُوَ نَوْبَةُ الرَّمْيِ فَيَجِبُ ذِكرُهُ في المُحَاطَّةِ، وَهِيَ أنْ يُشْتَرَطَ خُلُوصُ عَشْرِ إِصَابَاتِ مِنْ مِائَةٍ أَوْ