ويُرْوَى عنه غيرها، وعن المُزنِّي: أنه قال: سألنْا الشافعيَّ -رضي الله عنه- أن يصنِّف لنا كتابَ السَّبَقُ والرمْي، فذكر لنا أن فيه مسائلَ صِعَاباً، ثم أملاه علينا، ولم يُسْبَقْ إلى تصنيف هذا الكتاب، وفي الكتاب بابان:
أحدهما: في المسابقة.
والثانى: في المناضلة.
وقوله في الكتاب "ويجوز أن يشترط للسابق بالخيل" إلى آخره، قصد أن يوجِّه به تجويز اشتراط المال من جهة المعنى؛ وذلك؛ لأن في تجويزه ترغيباً في المسابقة والمناضلة، وفيهما تأهُّب للقتال وإعداد لأسبابه (?)، وكان من حق الترتيب أن يقدِّم هذا الكلام على قوله وفيه بابان:
الباب الأول: في السبق لأن هذا التوجيه يشمل السبق والرمي، ولا يختص بالسَّبَق، ثم نقول، والنظر في شروطه وأحكامه؛ أما النظر الأول، فقد عَدَّ صاحب الكتاب الشروطَ ستَّةً:
أحدها: أن يكونَ ما ورد عليه العقد عُدَّةَ القتال، فإن المقصود منه التأهُّب له، ولذلك قال الصَّيمريُّ "في الإِيضاح": لا يجوز السبَقُ والرميُّ من النساء؛ لأنهن لسن من أهل الحرب، والأصلُ في السبق الخيل، فإنها التي يُقاتِلُ عليها الناس غالباً، ويجيء منها الكَرُّ والفَرُّ بصفة الكمال، وذكر الإِمامُ أن الخلاف المذكور في استحقاق سَهْم الفارسَيْن فالفرس الضعيف والأعجف لا يَبعد أن يجيءْ مثله هاهنا، ويمكن أن يُفَّرق بين البابين بما سنذكره على الأثرَ -إن شاء الله تعالى- وتلتحق الإِبل بالخيل؛ في جواز المسابقة عليها؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- "لاَ سَبَقَ إِلاَّ فِي نَصْلٍ أوْ خُفٍّ" وأيضاً فالعرب تُقاتِل عليها أشد القتال، وفُرِق بين ما نحْن فيه وبين استحقاق السهم؛ حيث لا يستحق سهم الفارسَيْن بالإبل، فإن استحقاق السهم الزائد منوطٌ بزيادة المنفعة والفائدة، وما يَتَهيَّأ للخيل من الانعطاف والالتواء وسرعة الإِقدام تشاركها الإِبل، فيها لكن فيها عناءٌ وفائدة في القتال، فاكتفى بما فيها للترغيب والتحريض، وفي الفِيل وجهان، ويُقال: قولان:
أصحهما: أنه يجوز المسابقة عليه؛ لأنه أغنى في القتال من غيره؛ ولأنه ذو خفٍّ، فيدخل في الخبر، وهذا ما أجاب به في الكتاب.
والثاني: المنعُ، وبه قال أحمدُ وأبو حنيفةَ، فيما حكاه الرويانيُّ في "البحر"؛ لأنه