وقت ركْعتيْنِ وخُطْبتين بعده، فإنْ ذَبَح قبل ذلك لمِ تُجْزِ ضحِيْتُهُ؛ لما رُوِيَ عَنْ أَنَسِ -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ ذبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكَهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ" (?).
وكيف تُعْتَبَرُ الركعتانِ والخُطْبتانِ؟ فيه وَجْهانِ، ويُقالُ قَوْلاَنِ:
أَحدُهما: أنه يعتبر ركعتانِ وخُطْبتانِ خَفِيفَتَانِ لحصول (?) الإجْزَاءِ بهما والظاهِرُ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لو خَفَّفَ الصلاةَ والخُطْبَة لضحّى أو أَذِنَ في الضَّحِيةِ.
والثَّانِي: أنَّ المُعتبرَ صلاةُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وخُطْبتُه وكان يقرأُ في الركعةِ الأُولَى بسورة "ق" وفي الثانية "اقْتَرَبتِ السَّاعَةُ" ويخطُب خُطْبةً مُتَوسِّطَةً؛ واحتج له بظاهِرِ قَوْلِه -صلى الله عليه وسلم-؛ "مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا هَذِهِ وَذَبَحَ بَعْدَهَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ" (?). وحكى الإمامُ عن المراوزة: أن الخِلاَفَ في اعتبارِ الخِفَّةِ في الركعتينْ فأمَّا الخُطْبتانِ فالمعتبرُ فيهِما الخفَّةُ لا محالةَ.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يُطَوِّلُ، وكيف والناسُ يومَ العيدِ مُسْتَوْقِرُونَ (?)؟
قال: وما أرى مَنْ يعتبر رَكْعتيْنِ خَفِيفتَيْنِ يكتفي بأقَلَّ ما يجزئ وظاهِرُ لفْظِ "الشَّامِل" خلافُه (?). وفي "الشَّامِل" وجهٌ: أنه كان يُعْتَبرُ في عَهْدِ النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاتُه، وبعده المعتبرُ قدرُ الصلاةِ.
وفي "النِّهَايَةِ" عن بعْضِ التصانِيفِ: أنه يكفي مُضِيُّ ما يَسَعُ ركعتَيْن بعد انقضاءِ وَقْتِ الكراهِيَةِ، ولا يُعْتبر مُضِيُّ وقْتِ الخطبتين. وينتهي وقْتُ التضحيةِ بغروبِ الشمس ثَالِثَ أيامِ التَّشْرِيق. وقال أبو حَنِيْفَةَ ومَالِكٌ وأحْمَدُ: يَنْتَهِي بالغُروبِ ثَانِي أَيَّامِ التشريق.
واحتج الأَصْحابُ بما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَأَيَّامُ مِنَى كُلُّهَا مَنْحَرٌ" وبأن اليومَ الثالِثَ رمي من أيام الرَّمْي فيكون مِنْ أيام التضحيةِ كاليومَيْن الأولين فتجوزُ التضحيةُ في ليالِي التَّشْرِيقِ كما في الأيام خِلاَفاً لِمَالِكٍ وكذا لأحْمَدَ في روايةٍ.