قال الرَّافِعِيُّ: المقصودُ الآن في صِفَاتِ الكمال في الأضْحيةِ وفيه مَسَائِلُ:
منها: [يُسْتحبُّ] (?) أن يختارَ للتضحيةِ الأَسْمنَ (?) الأكْمَلَ حتى أن التضحِيةَ بشاةٍ سَمِينة أفضلُ من التضحية بشاتَيْن (?) دُونَها؛ لأن لحمَ السَّمِينِ أطيبُ وفسر بعضُهم الشِّعَارَ في قوله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} بِاسْتِسْمَانِ الهدْيِ وَاسْتِحْسَانِه.
وفي الخبر: "عَظِّمُوا ضَحَايَاكُمْ؛ فَإنَّهَا عَلَى الصِّرَاطِ مَطَايَاكُمْ" (?).
قِيلَ معناه: أنها تهَيَّأُ مَرَاكِبَ.
وقِيل يسهل بالتضحية الجوازُ على الصراطِ.
وذكر الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه-: أنَّ في التضحيةِ استِكْثَارَ القِيمَةِ أَحَبُّ من استكثارِ العَدَدِ، وفي العِتْق استكثارُ العَددِ أَوْلَى؛ وسبُبه أن المقصودَ -هاهنا- اللحمَ، ولحمُ السَّمِين أكثرُ وأَطْيبُ. والمقصودُ في العِتْق التخلِيصُ من الرِّقِّ، وتخلِيصُ عَدَدٍ أَوْلَى، [من تَخْلِيص وَاحدٍ] (?) وكثرَةَ اللحمِ في الأُضْحية خيرٌ من كثرة الشَّحْم، إلاَّ أن يكونَ لحمُها حسناً. ومنها: التضحيةُ بِسَبْعٍ من الغنم أفضلُ من التضحيةِ بَبَدَنَة أو بَقَرةٍ أو بالعَكْسِ أَفْضَلُ؟ فيه وجهان:
أَظهرُهما: وهو المذكورُ في الكتاب أَنَّ الأوّلَ أفضلُ؛ لأن لحمَ الغَنَمِ أطيبُ ولأن الدَّمَ المُرَاقَ أكثرُ والقُرْبةُ تزيد بحسبه.
والثَّانِي: أن العَكْسَ أَفْضَلُ؛ لأنَّ اللحْمَ أكثرُ.
وقد يؤدي التعارضُ في مِثْل هذا إلى التساوي، ولم يذكروه. والبدنةُ أَحبُّ من البقرة، والبقرةُ أحبُّ من الشاةِ والضأْنُ [مِنَ المعْزِ.
وقال مَالِكٌ: الأفضلُ الضأن] (?) ثم البقرة ثم البدنةُ.
لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ الْبَدَنَةَ إِلاَّ أن يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَاذْبَحُوا الْجَذَعَ مِنَ الضأْنِ" (?). وقال -صلى الله عليه وسلم- في الجُمعَةِ: "مَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ