أَحَدَهُمَا مُذفّفٌ، وشَكَكْنَا في أَنَّ الآخرَ هل له أثرٌ في الإِزمان والتذفِيفِ؟

فيحكي عَنِ القفَّالِ: أَنَّ الصيدَ بينهما، وأنه ألزم على هذا إذا جرح [رجلاً] (?) جِراحَةً مُذَفّفةً، وجرحه آخرُ جراحةً لا يُدْرَي: هل هي مُذَفّفة؟ وإن تَلِفَ، فقال: يجبُ القِصَاصُ قال الإمامُ: وهذا بَعِيدٌ، والوجهُ تَخْصِيصُ القِصَاصِ بصاحب الجراحةِ المذفِّفَةِ، وفي الصَّيْدِ يُسَلَّمُ نِصْفُه لمن جُرْحُهُ مُذفِّف، والثاني يوقف بينهم إلى التَّصَالُحِ أو [يَتَبيَّنُ] (?) الحالُ، فإن لم يتوقَّع [بيانٌ] (?) فيجعل النصف الآخر بينهما نِصْفَين، فيخلص للأول ثلاثةُ أَرْبَاعِه، ونَظْمُ الكتابِ يَقْتَضِي ترجِيحَ هذا الوجْهِ وَاخْتيَارَه.

وقولُه: "وقِيلَ: إِنَّ الكُلَّ بينهما بالسَّوِيَّةِ"، وهو المحْكِيُّ عن القفَّالِ.

قال الغَزَالِيُّ: أَمَّا إِذَا ذُفّفَ أَحَدُهُمَا وَأَزْمَنَ الآخَرُ وَلَمْ يُدْرَ السَّابِقُ فَهُوَ حَرَامٌ، لاِحْتِمَالِ كَوْنِ التَّذْفِيفِ قَاتِلاً بَعْدَ الإِزْمَانِ* وَقِيلَ: هُوَ كَمَسألة الإِنْمَاءِ.

قال الرَّافِعِيُّ: رُبَّما نجد في النسخ "الحالةَ الثالِثَةَ: إذا ذُفّفَ"، وكذا بعد هذا الفصْل "والحالةُ الرابعَةُ لو ترتب الجُرْحَانِ" اتباعاً لما في "الوَسِيط"، فإن أُثْبِتَ اللفظانِ فذاك، وهو مُوَافِقٌ؛ لقوله في أول الفصْلِ الثاني وله أحوالٌ، وإلاَّ فليبدل الأحوال بالحالَتَيْن، وإحْدَى الحالَتَيْن الترتيبُ، والأُخْرَى المعِيَّة، والصُّوَرُ لا تَخْرُجُ عنهما.

وأما الفِقْهُ، فإذا ترتب الجرحانِ، وأَحَدُهما مُزْمِنٌ، لو انفرد، والآخرُ مُذَفّفٌ وارِدٌ على المَذْبَح، ولم يُعْرَفِ السابقُ مِنْهُمَا، فالصيدُ حَلاَلٌ، فلوِ اخْتَلَفَا فقال كُلُّ واحدٍ: أنا جرحتُ أَوَّلَاً وأَزْمَنْتُ، فالصيدُ لِي، فلِكُلِّ واحدٍ منهما تحليفُ الآخرِ، وإنْ حلفَا فالصيدُ بينهما, ولا شَيْءَ لأحدِهمَا على الآخرِ. وإن حلفَ أَحدُهما دُونَ الآخَرِ، فالصيدُ للحالفِ، وعلى النَّاكِلِ أرشُ ما نقص بالذبح.

ولو تَرَتَّبَا وأحدُهما مُزْمِنٌ لو انفرد، والآخر مذفِّفٌ في غير المذبح، ولم يُعْرَفِ السابقُ منهما ففيه طَرِيقَانِ:

أَظْهرُهما: وهو الذي أورده في "التهذيب" أن الصيدَ حرامٌ [لأنه يحتمل أن يكون الإزمانُ سَابِقًا والتَّذْفِيفُ حَاصِلٌ] (?) بعده، وإذا حصل الإزمَانُ، فلا بُدَّ من قَطْعِ الحُلْقُومِ، والمَرِيءِ.

والثَّانِي: أَنَّ فيه قَوْلَيْن كالقولَيْنِ في مَسْأَلةِ الإِنْمَاءِ: وهي أن يَغِيبَ الصيدُ عنه بعدَمَا جرحه، ثم يجِدُه مَيْتًا، وقد ذكرنا من قبل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015