عن نَفْسِهِ، ومنه سمي العِلاَجُ عِلاَجًا لدفعه الدَّاءَ، والمُعَالَجَةُ: المُجَالَدَةُ.
ويُرْوَى في الحديث "أن الدُّعَاءَ والبَلاَءَ يَعْتَلِجَانِ" أي: يَتَدَافَعَانِ (?). ويُقَالَ: اسْتَعْلَجَ حَلْقُهُ، أي: اسْتَغْلَظَ (?).
وصورتها: أن عِلْجًا قال للإمام: أدلُّكَ على قَلْعَةِ كَذَا، على أن تُسَلِّمَ إِلي منها جَارِيةَ كذا، فَعَاقَدَهُ الإمَامُ عليه، حازت هذه المُعَاقَدَةُ، وإن كانت هذه (?) جَعَالَةَ جُعْلُهَا غير مَعْلُومٍ ولا مملوك ولا يَقْدِرُ على تَسْلِيمِهِ، [متجوز هذه المعاقدة] (?) واحتج للجواز بما رُوِيَ عن عَدِيِّ بن حَاتِم -رضي الله عنه- أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "كَأَنِّي بالحِيرَةِ قَدْ فُتِحَتْ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ هَبْ لِي مِنْهَا جَارِيةً، فقَالَ: قَدْ فَعَلتُ، فلما فُتِحَتْ الحِيرَةُ بعد زَمَانِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أُعْطِيَ الرَّجُلُ الجَارِيَةَ، فَاشْتَرَاهَا منه بَعْضُ أَقَارِبِها بألف دِرْهِمٍ (?) ".
والمعنى فيه الحَاجَةُ الدَّاعِيَةُ إلى مِثْلِ هذه المُعَامَلَةِ، فَإِنَّ الفَتْحَ قد لا يَحْصُلُ إِلاَّ بِدِلاَلَتِهِ، ولا يقوم بالدِّلاَلةِ إلا بالتَّطْمِيعِ فِيهَا, ولو ابْتَدَأَ الإِمَامُ، فقال: إِنْ دَلَلْتَنِي على هذه القَلْعَةِ، فلك جَارِية كذا منها، وكذا الحُكْمُ، ولا فَرْقَ بين أن تَكُونَ المُعَيَّنَةُ حُرَّةً أو أَمَةً، فإن الحُرَّةَ تُرَقُّ بالسَّبْيِ والاستيلاء.
ولو أبهم العِلْجُ، وقال: أن تُعْطِيَنِي منها جَارِيةً، أو الإِمام، فقال: ولك منها جَارِيةً جاز أيضاً، وحكى القاضي ابْنُ كَجٍّ وَجْهاً آخر: أنَّه لا يَجُوزُ، ويشترط أن يَكُونَ الجُعْلُ المشروطُ مما يَدُلُّ العِلْجُ عليه، حتى لو قَالَ: أعطيك جَارِية مما عِنْدِي، أو من ثلث مَالِي، لم يَصِحَّ مع الجَهْلِ على قِيَاسِ الجَعَالاَتِ. ولو قَالَ مُسْلِمٌ: أَدُلُّكَ على أن تُعْطِيَني منها جَارِيَة كذا أو جارية أو ثلثَ ما فِيها، ففيه وَجْهَان.