ويَسْقُطُ بِالإعْرَاضِ* وَفِي قَوْلٍ هُوَ مَوْقُوفٌ إِلَى القِسْمَةِ وَالإعْرَاضِ.

قال الرافِعي: إذا مَاتَ وَاحِدٌ من الغانمين، ولم يعرض، انْتَقَلَ حَقُّهُ إلى الوَرَثَةِ؛ لأنه ثَبَثَ له مِلْكٌ، أو حَقُّ ملك، وَكُل موروث إن شَاءُوا أَعْرَضُوا، وإن شَاءُوا طلبوا.

الثالثة: هل يملك الغَانِمُونَ الغَنِيمَةَ قبل القِسْمَةِ؟ فيه ثلاثة أوجه جمعها صاحب "التقريب":

أظهرها: وبه قال ابْنُ سُرَيْجٍ: أنه لا مِلْكَ لهم قبل القِسْمَةِ، وإنما يملكون أن يملكوا بدليل صِحَّةِ الإِعْرَاض، كما شاءوا, ولو مَلَكُوا بالاسْتِيلاَءِ لما سَقَطَ مِلْكُهُمْ بالإِعْرَاضِ، كملك من احْتَشَّ أو احْتَطَبَ.

وأيضاً فالإمام أن يَخُصُّ كُلَّ طَائِفةٍ بِنَوْعٍ من المال، ولو مَلَكُوا لم يَجُزْ إبْطَال حَقِّهِمْ عن بعض الأنْوَاعِ بغير اختيارهم.

والثاني: يملكون [بالحِيَازَةِ] (?) والاسْتِيلاَءِ التَّامِّ؛ لأن الاسْتِيلاَءَ على ما ليس بِمَعْصُومٍ بين الأموال سَبَبٌ لِلْملْكِ، وأيضاً فإن مِلْكَ الكافر يَزُولُ بالاسْتِيلاَءِ، ولو لم يملكها المُسْلِمُونَ لكان ذلك مِلْكاً لا مَالِكَ له.

نعم هو مِلْكٌ ضَعِيفٌ يَسْقُطُ بالإعراض، ولذلك نقول: لا تَجِبُ الزَّكَاةُ فيه مِثْلَ اخْتيَارِ التَّمَلُّكِ على الأظهر.

والثالث: أن مِلْكَهُم مَوْقُوفٌ إن سلمت الغنيمة إلى أن اقتسموا بَانَ أنهم مَلَكُوهَا بِالاسْتيَلاء, إلا فإن تَلِفَتْ أو أعرضوا تَبَيَّنَّا عَدَمَ المِلْكِ، ووجه بأن قَصْدَ الاسْتِيلاَءَ على المال لا يَتَحَقَّقُ إلا بالقِسْمَةِ؛ لما سَبَقَ أن المَالَ تَابِعٌ في الجهاد، والغَرَضُ الأَصْلِيُّ إِعْلاءُ كلمة الله -تعالى- فإذا اقْتَسَمُوا تبينا قَصْدَ التملك بالاسْتيلاَءِ، فَتَبَيَّنَ حصولُ المِلْكِ.

قال الإِمام -رحمه الله-: وإذا قُلْنَا بالوَقْفِ فلا نقول: تبين بالقِسْمَةِ أن حِصَّة كل واحد من الغَانِمِينَ على التعيين صارت مِلْكاً بالاستيلاء، ولكن نقول: إذا اقْتَسَمُوا تبينَّا أنهم مَلَكُوا الغَنَائِمَ أَوَّلاً مِلْكاً مَشَاعًا، ثم بالقِسْمَةِ تَتَمَيَّزُ الحِصَصُ وعن رواية صاحب "التقريب" وَجْهٌ بَعِيدٌ أنه يتبين بالقِسْمَةِ أن كُلَّ وَاحِدٍ منهم مَلَكَ حِصَّتَهُ على التعيين.

وقوله في الكتاب: "ومن هذا نَشَأَ الخِلاَفُ في المِلْكِ" يعني في الصُّورَتَيْنِ المذكورتين من قبل، وهو أنه يَجُوزُ الإعْرَاضُ، وأنه إذا مات قام وَارِثُ الغَانِم مَقَامَهُ وأن جَوَازَ الإِعْرَاضِ قبل القِسْمَةِ يَدُلُّ على عَدَم المِلْكِ حينئذ، واحتج بقيام الوَارِثِ مَقَامَهُ على ثُبُوتِ المِلْكِ، إلاَّ أن هذا الاحْتِجَاجَ لا يَتَّضِح؛ لأن حَقَّ المِلْك مَوْرُوثٌ لحقيقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015