يد عَبْدِهِ طَعَامٌ فَتَبَايَعَا صَاعًا بِصَاعَيْنِ. قال الإِمام: ومن جَعَلَ لِلْقَرْضِ اعْتِبَارًا يَلْزَمُهُ أن يجعل للبيع اعْتِبَارًا حتى يجب على الآخِذِ تَسْلِيمُ صَاعٍ إلى بَائِعِهِ. وإن تَبَايَعَا صَاعًا بِصَاعَيْنِ، فإن سلم بَائِعُ الصَّاعِ الصَّاعَ لم يملك إلاَّ طَلَبَ صَاعٍ بسببها بالقَرْضِ، وإن سلم للآخر الصَّاعَيْنِ لم يطلب إلا صَاعًا، ويحمل الزَّائِدُ على البَذلِ والإيثار.

ومنها قَضِيَّةُ ما يكون المَأْخُوذُ مُبَاحاً للغانم غَيْرَ مملوك أنه لا يجوز له ألا يَأْكلَ طَعَامَهُ، ويصرف المَأْخُوذَ إلى حَاجَةٍ أخرى بَدَلاً من طَعَامِهِ، بخلاف مثله في الزكاة، كما لا يتصرف [الضيف] فيما قدم إليه بالأَكْلِ.

ومنها: قال الإمَامُ: إذا قَلَّ الطَّعَام واسْتَشْعَرَ قَائد الجُنْدِ الازْدِحَامَ والتَّنَازُعَ عليه، جعله تحت يده وَقَسَّمَهُ على المُحْتَاجِينَ على مِقْدَارِ الحَاجَاتِ، وله أن يمنع من مُزَاحَمَةِ أصحاب الحَاجَاتِ من معه ما يكفيه.

قال الغَزَالِيُّ: (وَالحُكْمُ الثَّانِي لِلغِنِيمَةِ) أنَّهُ يَسْقُطُ بِالإِعْرَاضِ قَبْلَ القِسْمَةِ وَلاَ يَسْقُطُ بَعْدَهَا* وَهَلْ يَسْقُطُ بَعْدَ إِقْرَار الخُمُسِ؟ فِيهِ خِلاَفٌ* وَالظَّاهِرُ أنَّهُ يَسْقُطُ* وَقَوْلُهُ: اخْتَرْتُ الغَنِيمَةَ هَلْ يَمْنَعهُ عَنِ الإعْرَاضِ بَعدَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ* وَلَوْ أَعْرَضَ جَمْعُ الغَانِمِينَ لَمْ يَصِحَّ عَلَى وَجْهٍ* وَيَنْصَرِفُ إِلَى مَصْرَفِ الخُمُسِ عَلَى وَجْهٍ* وَإعْرَاضُ ذَوِي القُرْبَى بِأجْمَعِهِمْ عَنْ سَهْمِهِمْ لاَ يَصِحُّ علَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ* وَيَصِحُّ إِعْرَاضُ المُفْلِسِ وَإنْ أَحَاطَتْ بِهِ الدُّيُون* وَلاَ يَصِحُّ إِعْرَاضُ السَّفِيهِ* وَلاَ يَصِحُّ إِعْرَاضُ الصَّبِيِّ إلاَّ إِذَا بَلَغَ قَبْلَ القِسْمَةِ* وَلاَ يَصِحُّ إِعْرَاض العَبْدِ عَنِ الرَّضْخِ* وَيصِحُّ إِعْرَاضُ سَيِّدِهِ* وَفِي صِحَّةِ الإعْرَاضِ عَنِ السَّلَبِ وَالسَّالِبُ مُتَعَيَّنٌ وَجْهَانِ.

قال الرَّافِعِيُّ: ومن أَحْكَام الغَنِيمَةِ أنه يَسْقُطُ حَقُّ الغَانِم بالإعْرَاض عن الغَنِيمَةِ، وتركها قبل القِسْمَةِ، ووجه بأنَ المَقْصُودَ الأَعْظَمَ في الجِهَادِ إعْلاَءُ الدِّينِ والذَّبِّ عن المِلّةِ، والغَنَائِمُ تابعة فمن أَعْرَضَ عنها فَقَدْ أَخْلَصَ بَعْضَ الإِخْلاَصِ وجرد قَصْدَهُ لِلْمَقْصَدِ الأَعْظَمِ، وأن الغنيمة لا يملكها الغانم قبل القِسْمَةِ، وإنما يملك أن يَتَمَلَّكَ، فَالحَقُّ فيه كَحق الشُّفْعَةِ، وفي هذا خِلاَفٌ سَيَأْتِي إن شاء الله تعالى على الأَثَرِ، وقد تركت التوْجِيهَ فيهما فيقال: إن لم يملك، فهو كَحَقِّ الشفْعَةِ، وإن ملك فما يَنْبَغِي أن يكون مُسْتَقِرًا، ليتمكن من تمحيض الجِهَادِ لِغَرَضِهِ الأعظم.

ولو قال أحدهم: وَهَبْتُ نَصِيبي من الغانمين، ففيه وجهان عن أبي إِسْحَاقَ: أنه يَصِحُّ، ويكون إِسْقَاطُهُ لِحَقِّهِ الثَّابِتِ له. عن ابن أبي هُرَيْرَةَ أنه إن أراد الإسْقَاطَ فذاك، وإن أراد التَّمْلِيكَ لم يصح؛ لأنه مَجْهُولٌ، وهذا قوي.

وفي "الشَّامل": أن الأَصَحَّ الأَوَّلُ، وأما بعد القِسْمَةِ فَيَسْتقِرُّ المِلْكُ ويسقط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015