وأصحهما: وهو الذي أَوْرَدَهُ أَصْحَابُنَا العِرَاقِيُّونَ، والقاضي الروياني أَنَّهُ يُكْرَهُ، وقالوا: ما حُمِلَ إلى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- رَأْسُ كَافِرٍ قَطُّ، وحُمِلَ إلى أبي بَكْرٍ -رضي الله عنه- رؤوس جَمَاعَةٍ من المشركين، فأنكروا، وقالوا: ما فُعِلَ هذا في عَهْدِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما روي من حَمْلِ رَأْسِ أبي جَهْلٍ فقد تَكَلَّمُوا في ثُبُوتِهِ، وبتقدير الثُّبُوتِ، فإنَّهُ حُمِلَ في الوَقْعَةِ من مَوْضِع إلى موضع، ولم يُنْقَلْ من بَلَدٍ إلى بَلَدٍ، وكأنَّهُمْ أرادوا أَن يَنْظُرَ الناسُ إليه، فَيَتَحَقَّقُوا موْتَهُ.

وقوله في الكتاب: "إِلاَّ أن يَكُونَ له نِكَايَةٌ في الكُفَّارِ" يقتضي الجَزْمَ بِنَفْي الكَرَاهَةِ، ولم يَتَعَرَّضْ له أَكْثَرُهُمْ، نعم ذكر صاحِبُ "الحَاوِي" أَنَّهُ لا يُكْرَهُ النَّقْلُ، والحَالةُ هذه، بل تُسْتَحَبُّ، وقد يقال: إِنَّهُ لا يخلو عن النِّكَايَةِ، فإن ارْتَفَعَتِ الكَرَاهَةُ بذلك، فَيُطْلَقُ القَوْلُ بأنه لا كَرَاهَةَ فيه.

قال الغَزَالِيُّ: (التَّصَرُّفُ الثَّانِي بالاِسْتِرقَاقِ) وَلاَ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ كُلِّ كَافِرٍ أَسْلَمَ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ* وَيَجوز اسْتِرْقَاقُ كُلِّ كَافِرٍ أَسْلَمَ بَعْدَ الظّفَرِ بِهِ* وَلاَ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ المَرْأَةِ حَامِلاً بِوَلَدٍ مُسْلِمٍ، لَكِنْ لاَ يُرَقُّ الوَلَدُ* وَمَنْكُوحَةُ الذِّمِّيِّ تُسْبَى وَيَنْقَطِعُ نِكَاحُهُ* وَفِي مُعْتَقَتِهِ وَجْهَانِ* وَمُعْتَقُ المُسْلِمِ لاَ يُسْبَى* وَفِي مَنْكُوحَتِهِ وَجهَانِ* فَإِنْ قُلْنَا: يُسْبَى انْقَطَعَ نِكَاحُهُ عَنِ الأَمَةِ الكِتَابِيَّةِ* وَلاَ تَنْقَطِعُ إِجَارَتُهُ عَنِ الدَّارِ المَسْبِيَّةِ وَالعَبْدِ المَسْبِيِّ* وَالزَّوْجَانِ إِذَا سُبِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا انْقَطَعَ النِّكَاحُ بَينَهُمَا* وَفِي انْقِطَاعِ نِكَاحِ الرَّقِيقَيْنِ المَسْبيَّيْنِ مَعًا وَجْهَانِ.

" القَوْلُ في سَبْيِ الكفار واسترقاقهم"

قال الرَّافِعِيُّ: نساءُ الكُفَّارِ وصبيانهم إذا وقعوا في الأسْرِ رُقُّوا (?)، وكان حُكْمُهُمْ حُكْمَ سَائِرِ أموال الغَنِيمَةِ من أَنَّ الخُمُسَ لأهل الخُمُسِ، والباقي لِلْغَانِمِينَ، وقد ذكر أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015