قال الرَّافِعِيُّ: الجهادُ يتضمنُ قصدَ نُفُوس الكُفَّارِ وأَمْوالهم، وتَصرُّفُ الإمامِ في نِفِوسِهم: قد يكونُ بالقَتْلِ والقِتَال، وقد يكونُ بالاسْتِرْقَاقِ، وقَدْ يَكونَ بالمنِّ أو الفِدَاءِ، وتصرُّفه في أَمْوالهم: قد يكون بالإِتْلاَفِ، وقد يكُونُ بالاغتِنَامِ، فأَهْملَ صاحبُ الكتاب حُكْمَ المنِّ والفِدَاء؛ لأنَّ خَطْبَهما هَيِّنٌ.

وقال: "والنَّظَرُ فِي تَصَرُّفِ الإِمَامِ فِيهِمْ بالْقَتْلِ وَالاِسْتِرْقَاقِ وَالاِغْتِنَامِ، ولم يَذكرْ في الترجمةِ إتلافَ أموالِهم، لكنَّهُ يَبيِّنه عند التفصِيل بين الاسْتِرْقاق والاغْتِنام على ما سيأتي.

واعلمْ أَنَّهُ يكرهُ الغزْوُ بغَيْرِ إذْن الإِمَام، أو الأَمِير المنصُوب مِنْ جهته ولا يحرُم (?)، وأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إذا بَعث الإمامُ سَرِيَّةً أَن يُؤَمِّرَ عليهم أَمِيراً، وَيأْمُرَهم بطاعتِه، ويوصيه بهم، وأَنْ يأخُذَ البيعَةَ على الجُنْدِ حتَّى لا يَفرُّوا، وأن يَبْعَثَ الطَّلائِعَ ويتجسس أَخْبارَ الكفار (?)، ويُسْتحبُّ الخروجَ يومَ الخمِيس (?) في أوَّل النَّهَارِ، وأن يَعْقِدَ الراياتِ، ويجعل كُلَّ أمير تحت رايةٍ، ويجعل لِكُلِّ طائِفَةٍ شعاراً؛ حتَّى لا يَقْتُلَ بعضُهم بعضاً بياتاً، ويُسْتَحبُّ أَنْ يدخل دارَ الحرْبِ بتعبئة الحرب؛ لأنَّهُ أحوطُ وأَهْيَبُ، وأن يستنصِرَ بالضعفَاءِ، وأَنْ يَدْعُوَ عند التِقَاءِ الصَّفّيْنِ، وأن يُكَبِّر مِنْ غَيْرِ إسرافٍ في رفْعِ الصوت، وأن يُحَرّضَ الناسَ على القتالِ، وعلى الصَّبْرِ والثَّباتِ، وكُلُّ ذلك مَشْهُورٌ في سِيَرِ النبي -صلى الله عليه وسلم- ومَغَازِيه.

ولا يُقاتِلُ مَنْ لم تبلغه الدعوة حتى يدعوه إلى الإسلام، والذين بلغتْهُم الدعوةُ يُسْتحب أن يعرض عليهم الإسلامَ، ويَدْعُوهم إليه أَيْضاً، ويجوزُ أَنْ يبتهم [بغير دعاء] ثُمَّ الذين لا يقرون بالجزيةِ يُقَاتلُون وتُسْبَى نِسَاؤُهم، وتُغنم أموالُهم إلى أن يُسْلِمُوا، والذين تُقْبَلُ منهم الجزيةُ يُقَاتلون إلى أن يُسْلِمُوا أو يبذلوا الجِزُيَة، إذا عرفْتَ ذلك، فَإِنَّ صاحِبَ الكتابِ رتَّبَ التصرُّفَ الأول وهو القتالُ، والقتلُ -على مَسَائِلَ:

إِحْدَاهَا: فِيمَنْ يُسْتَعَانُ به وفيه صُوَرٌ:

إِحْدَاهَا: يجوزُ الاستعانةُ بأَهْلِ الذِّمةِ والمشْرِكين في الغَزْوِ؛ لما رُوِيَ أَنَّ النبيَّ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015