يتفرغ لهما، ولا يجد ما ينفقه فيهما، وقد روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يبايع الأحرار على الإِسلام والجهاد، والعبيد على الإِسلام دون الجهاد (?).
فإنْ أمره سَيِّدُه بذلك، قال الإمامُ: والوجهُ أنه لا يلزمُه طاعتُه؛ لأنه لَيْس مِنْ أَهْل هذا الشأن، والملْكُ لا يقتضي التعرُّضَ للهلاكِ، وليس القتالُ من الاسْتِخْدَامِ المستحق للسيد على العبد، ولا يجوز أن يكون في هذا خِلاَفٌ، ولا يلزمُه الذَّبُّ عن سَيِّده عند الخوف على رُوحِه.
إِذْ لم نُوجِب الدَّفْعَ عَنِ الغير، بَلِ السَّيدُ في ذلك كالأجانِب، وللسيِّد اسْتِصْحَابُه فِي سَفَرِ الجهادِ، وَغَيْره؛ ليخدمه، وَيسُوسُ دوابَّه، كما في الحَضَرِ.
وقولُه في الكتاب: "وَلَيْسَ عَلَيْه الذَّبُّ عَنْ سَيِّدِه"، ينبغي أن يُعْلم بالواو فإنه جوابٌ على أن الذبُّ (?) عن الغير لا يجب، والمُكَاتِبُ والمدبِّرُ، ومَنْ بعضه رقيق كالقِنّ.
الثاني: الدَّين، ومَنْ عليه دَيْنُ مالٍ لمسلم أو ذِمّي، ليس له أن يخرج في سَفَرِ الجهاد أو غيره، إلاَّ أن يَأْذَن رَبُّ الدَّين، وله أن يمنعَهُ منه لتوجه المُطَالبةِ عليه، والحبْس، وكيف يجوزُ أن يترك الفَرْضَ المتعين عليه، ويشْتغِلَ بفرض الكفاية؟ وإن كان معسراً، فقد ذكر القاضِي ابن كَجٍّ: أَنَّ المذهَبَ أنه ليس له مَنْعُه؛ لأنه لا مُطَالبةَ عليه في الحال (?)، وأَنَّ أبَا إسْحاقٍ قال: له المنعُ؛ لأنه يرجو أن يُوسِرَ فيؤدي وفي الجهاد خطر