في السنة مرة واحدة، وأيضًا فإنَّ سَهْمَ الغزاة يُؤْخذ في كل سنة مرة، ولا بد من غَزْوةٍ واحدة، هذا ما نصَّ عليه الشَّافعيُّ -رضي الله عنه- وجرى عليه الأصحابُ.
وقال الإمامُ: المختارُ عندي في هذا مسالِكُ الأُصُولِيِّين، فإنهم قالوا: الجهادُ دعوةٌ قَهْرية، فيجب إقامته على حسب الإِمْكَان، حتى لا يَبْقَى إلا مُسْلمٌ أو مسالم، ولا يختص بالمرة الواحدة في السنة، وإذا أمكَنت الزيادةُ لا يعطَّلُ القرض، وما ذكره الفقهاءُ حملوه على العادَةِ الغالبة، وهي أنَّ الأموالَ والعُدَدَ لا توافي لتجهيز الجنود في السنة أكثر من مرَّة واحدة، وإذا اصْطَلَى الرجالُ بنار القتال، ونالوا من العدُوِّ ونيل منهم، لم يَعُودوا إلى الاسْتِعْدادِ التام ولا دوابهم إلا في مدة السنة، ثم إن تمكّن الإمامُ منْ بثِّ الأجناد للجهاد في جميع أَطْراف الكفار -فعلَهُ، وإلاَّ يَبْدَأ بالأَهَمِّ فالأهم، وينبغي للإمام أنْ يُرَاعي النَّصَفَةَ بالمُنَاوبة، فلا يتحامَلُ على طائفةٍ [بتكرير] (?) الأغزاء مع ترْوِيح الآخرين، وتركهِم في الدَّعَةِ.