عليه، فإن أمكنه فك لَحْيَيْهِ (?)، وتخليص ما عضه فعل؛ وإن لم يمكنه ضَرَبَ في شِدْقِهِ ليدعه، فإن لم يمكنه وسل يده فَبَدَرَتْ أسنانه، أو بعضها فلا ضَمَانَ عليه.
وفي "الشامل" أنه [يحكى] (?) عن مالك أنه يجب الضَّمَانُ.
لنا ما رُوِيَ عن يَعْلَى بن أمية -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيش العسرة (?) وكان لي أجير، فقاتل إنساناً، فَعَضَّ أحدهما يَدَ الآخر، فانتزع (?) المَعْضُوضُ يده من فم العَاضِّ، فذهب إحدى ثنيتيه، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فَأَهْدَرَ ثنيته وقال له: "أَيدَعُ يَدَهُ في فِيكَ تَقْضِمُهَا كَأَنَّهَا في فَحْلٍ" ولأن النفس لا تضمن في الدفع، فكذا الأطراف.
ولا فَرْقَ بين أن يكون العَاضُّ ظالماً، أو مظلوماً، فإن العض لا يجوز بحال.
وما دام يمكنه تخليص نفسه بضرب فيه لا يَعْدِلُ إلى عضو آخر؛ لأنه أقرب إلى المقصود، فإن لم يجد مُخَلِّصاً إلا بقصد عضو آخر بأن يَبْعَجَ بَطْنَهُ، أو يفقأ (?) عينه أو يعصر خصيته فله ذلك وفيه وجه أنه لا يقصد عضواً آخر، ولا يضع السلاح فيه، كما لم يقصده العَاضُّ بالسلاح والظاهر الأول.
لو كان الصَّائل يَنْدَفِعُ بالصوت والعصا، ولكن المصول عليه لم يجد إلا السَّيْفَ أو السِّكينَ، فهل له الضرب به؟
فيه وجهان:
أحدهما: لا لإمكان الدَّفْعِ من غير جرح وقتل.
وأظهرهما: نعم؛ لأنه لا يَتَأَتَّى له الدَّفْعُ إلا بذلك، ولا يمكن نِسْبَتُهُ إلى التقصير [بتَرْكِ] (?) استصحاب السَّوْطِ، والمعتبر في حتى كل أحد حَاجَتُهُ، ولذلك نقول: الحَاذِقُ الذي يحسن الدفع بأطراف السَّيْفِ من غير جرح يضمن، والذي لا يحسن ذلك لا يضمن لو جرح.
قال الغَزَالِيُّ: وَإِذَا نَظَرَ إِلَى حَرَمٍ إِنْسَانٍ في كُوَّةٍ أَوْ صَائِرِ بَابٍ جَازَ أنْ يَقْصِدَ عَيْنَهُ بِمدْرَاةٍ أَوْ بَنْدَقَةٍ مِنْ غَيْرِ إِنذارٍ، فإِنْ عَمِيَ فَلا ضَمَانَ، وَيجِبُ تَقْدِيمُ الإِنْذَارِ فِي كُلِّ دَفْعٍ