وفيه قول آخر مذكور في الجنايات وإذا قال: قتلته لذلك، وأنكر وليُّه، فعلى القاتل البَيَّنَةُ وينظر إن ادَّعى أنه قَصَدَ امْرَأَتَهُ، فدفعه، فأتى الدفع على نفسه، ثَبَتَ ذلك بقول شاهدين، وإن ادَّعى أنه زَنَا بها، وهو مُحْصَنٌ لم يثبت الزنا إلا بأربعة شهداء.
روي أن سعد بن عُبَاَدَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: يا رسول الله أرأيت إن وَجَدْتُ رَجُلاً مع امرأتي أُمْهِلُهُ حتى آتى بأربعة شهداء! فقال -صلى الله عليه وسلم-: "كَفَى بالسَّيْفِ شَا" أراد أن يقول: "شاهداً" فقطع الكلمة ثم قال: "نَعَمْ حَتَّى تَأْتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءِ" (?).
وعن أبي حنيفة -رحمه الله-[أنه يلزمه الضمان، و] إن ثبت الزنا والإحصان، بناء على أن الزَّاني المُحْصَنَ إذا قتله واحد من عرض الناس قبل أن يَقْضِيَ القاضي عليه بالرَّجْم يلزمه القصَاصُ، وإنما يصير مُهْدَراً، إذا قضى القاضي عليه بالرَّجْمِ فيقع قتله حداً.
وإن لم يكن للقاتل بَيِّنَةٌ، حلف وَلِيُّ القتيل على نفي العلم بما يقوله، ومكّن من القصاص، ولو كان للقتيل وارثان، فحلف أحدهما على نَفْي العلم، وَنَكَلَ الآخر، حلف القاتل [للآخر]، وعليه نصف الدية للحالف، وإن كانَ أحدهما بَالِغاً، والآخر صَغِيراً، وحلف البالغ على [نفس] العلم [لم] يستوفي القِصَاص حتى يَبْلُغَ الصغير، فيحلف، أو يموت، فيحلف وَارِثُهُ.
وإن أخذ البالغ نِصْفَ الدية، حكى القاضي الروياني أنه يُؤْخَذُ للصغير أَيْضاً، فإذا بلغ حلف، فإن نكل، وحلف القَاتِلُ ردّ عليه ما أَخَذَا، ولو أقر الوَرَثَةُ بأن مورثهم كان مَعَهَا تحت ثَوْبٍ يتحرك تَحَرُّكَ المجامع، وأنزل، ولم يقروا بما يُوجِبُ الحَدَّ لم يسقط القِصَاصُ، وإن أقروا بما يوجبه، وقالوا: كان بِكْراً، فالقول قولهم، وعلى القاتل البَيِّنَةُ على الإحصان.