المَدْفُوعُ) فَكُلُّ مَنْ يَخَافُ مِنْهُ الهَلاَكُ فَدُفِعَ فَهُوَ هَدرٌ حَتى الصَّبِيُّ وَالمَجْنُونُ إِذَا صالاَ، وَكَذَا البَهِيمَةُ، وَفِي ضَمَانِ الجَرَّةِ المُطِلَّةِ عَلَى الرَّأْسِ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ إِذَا كُسِرَتْ بِالدَّفْعِ وَجْهَانِ، وَكَذَا في دَفْعِ بَهِيمَةِ حَالَ بَيْنَ الرَّجُلِ الجَائِعِ وَبيْنَ طَعَامِهِ في بَيْتٍ، وَالجَائِعُ المُضْطَرُّ إِلَى طَعَامِ الغَيْرِ يأْكُلُ وَيَضْمَنُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: اسْتُؤْنِسَ في الباب بقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]. وبأن الصَّائِلَ ظالم، والظَّالِمُ يُمْنَعُ من الظلم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "انْصُر أَخَاكَ ظَالِماً أَوْ مَظْلُوماً" (?).
وعن سعيد بن زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَهُوَ شَهِيدٌ" (?) وروي (?) أن جَارَيةَ كانت تَحْتَطِبُ فَرَاوَدَهَا رَجُلٌ عن نفسها، فرمته [بفِهْرٍ] (?) فقتلته، فرفع ذلك إلى عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فقال: "قتيل الله والله لا يودي أَبَداً" ونحتاج في الباب إلى مَعْرِفَةِ المدفوع، وهو الصَّائِلُ، والمدفوع عنه، وهو الذي يقصد الصَّائِل، وكيفية الدفع. فهذه ثلاثة فصول:
أما الأول: فلا فَرْقَ بين أن يكون الصَّائِلُ مسلماً، أو ذِمِّياً، حراً أو عبداً، فيجوز (?) للمَصُولِ عليه دَفْعُهُ، وإن أتى الدَّفْعُ على نفسه، فلا ضَمَانَ، ولا دِيَّةَ، ولا كَفَّارَةَ، وإن صَالَ عليه صَبِيٌّ أو مجنون، أو بهيمة، فكذلك يجوز الدَّفْعُ، ولا ضَمَانَ عن التَّلَفِ، وبه قال مالك وأحمد. وقال أبو حَنِيْفَةَ: يجب الضَّمَانُ في البهيمة، وكذا في الصَّبِيِّ والمجنون، على أظهر الروايتين.
لنا: أنه هَلاَكٌ حَصَلَ في دَفْعِ جائز، فلا يَتَعَلَّق به ضمان، كما في سائر الصور، وأيضاً فَالبَهِيمَةُ إذا صَالَتْ صَارَتْ بِمَثَابَةِ الكَلْبِ العَقُورِ والسَّبُعِ الضَّارِي.