الثانية: لو جَلَدَ الحَامِلَ حَدّاً، فَأَجْهَضَتْ جَنِيناً مَيِّتاً، لزمت الغُرَّةُ (?) وفي مَحَلِّهَا القولان، إن لم يعلم أنها حَامِلٌ، وإن علم، فطريقان:

أحدهما: أنه على القَوْلَيْنِ أيضاً؛ لأن (?) إِتْلاَفَ الجنين [لا] (?) يكون عَمْداً مَحْضاً، فيجري مجْرَى غيره من وُجُوهِ الخَطَأِ. وهذا ما رَجَّحَهُ ابن الصَّبَّاغِ.

وأظهرهما -وهو المذكور في الكتاب: أنه على عَاقِلَتِهِ، ولا يجيء فيه القولان؛ لأن ذلك الخِلاَفَ فيما يخطئ به الإمَامُ في الحكم، وهو هاهنا عَادِلٌ عن الصَّوَاب عَمْداً، ولو انْفَصَل حَيّاً (?)، ومات وَجَبَتِ الدِّيَةُ بِتَمَامِهَا، ومحلُّها على ما ذكرنا.

وإن ماتت الحَامِلُ، فقد أطلق في "المختصر" أنه لا يَضْمَنُهَا، وعلل بأنها هَلَكَتْ من حق أقيم عليها.

وفَصَّلَ الشيخ أبو حَامدٍ وغيره، فقال: إن ماتت من الجَلْدِ وَحْدَهُ بأن ماتت قبل الإِجْهَاضِ، فلا ضَمَانَ، وهذا موضع النَّصِّ.

وفي "الشامل" أنه فيه -والحَالَةُ هذه- الخِلاَفَ المَذْكُورَ فيما إذا أقام الحد في حَرٍّ مُفْرِطٍ، أو برد مفرط، فمات المَحْدُودُ، وإن ماتت من الإِجْهَاضِ وحده (?) بأن أَجْهَضَتْ، ثم ماتت، وأُحِيلَ المَوْتُ على الإجْهَاضِ، وجب تَمَامُ دِيَتِهَا، كما وجب ضَمَانُ الجنين.

وإن قيل: ماتت بالحَدِّ والإجْهَاضِ جميعاً، وجب نِصفُ الدية؛ لأنها ماتت (?) من مَضْمُونٍ وغير مضمون، وهذا ماَ حكاه في "التهذيب" في فصل القصاص من الحامل.

الثالثة: سيأتي في "كتاب الشَّهَادَاتِ" أن القاضي إذا حَكَمَ بقول اثنين، ثم بَانَ له أنهما ذِمِّيَّانِ أو عَبْدَانِ، ينقض الحُكْمُ، وأنهما لو بَانَا فَاسِقَيْنِ، فكذلك الحكم في أَصَحِّ الوجهين، فلو أنه أقام الحَدَّ بشهادة شَاهِدَيْنِ، ثم بَانَا ذِمِّيَّيْنِ، أو عبدين، أو امرأتين، أو مُرَاهِقَيْنِ، أو فاسقين، ومات المحدود، فقد بَانَ بُطْلاَنُ الحكم، فينظر إن قصر في البَحْثِ عن حالهما، فالضَّمَانُ عليه لا تَعَلُّقَ له بِبَيْتِ المال، ولا يَتَعَلَّقُ بالعاقلة أيضاً إن تَعَمَّدَ.

قال الإمَامُ: وإنما يَتَرَدَّدُ نَظَرُ الفقيه في وجوب القِصَاصِ (?)، والأظهر الوجوب، فإن الهُجُومَ (?) على القتل (?) مَمْنُوعٌ منه بالإجماع، ويحتمل أن يقال: لا يجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015