الثانية: إذا ختن (?) الإِمام المُمْتَنِعَ فمات، فلا ضَمَانَ؛ لأنه مات من وَاجِبٍ، نعم لو أَوْقَعَ خِتَانَهُ في حَرٍّ شَدِيدٍ، أو في بَرْدٍ شديد، ففي الضَّمَانِ خِلاَفٌ قد تَقَدَّمَ في باب الزنا، والظاهر وُجُوبُهُ.

وأجرى الإِمام هذا الخِلاَفَ فيما إذا وقع خِتَانُ الأب في الحَرِّ الشديد والبرد الشديد، وجعل الأب أَوْلَى بنفي الضَّمَانِ؛ لأن الأب هو الذي يَتَوَلَّى الخِتَانَ (?) في الغالب، فهوَ في حَقِّهِ كالحد في حَقِّ الإِمام.

ومن خَتَنَ صَبِيّاً في سِن لا يَحْتَمِلُهُ، فمات، فعليه القِصَاصُ، سواء فيه الوَليُّ وغيره. نعم لا قِصَاصَ على الأب والجد للْبَعْضِيَّةِ (?)، ويجب عليهما الدِّيَة، وإن كان في سِنٍّ يحتمله، نظر إن خَتَنَهُ [أبوه] (?) أو جَدُّهُ فمات، ففي [وجوب] (?) الضمان وجهان:

أحدهما: يجب؛ لأن الخِتَانَ غير وَاجِبِ في الحال، فَأَشْبَهَ قَطْعَ السِّلْعَةِ.

وأظهرهما: المنع؛ لأنه لاَ بُدَّ منه، وفي التقديم نظر وفَائِدَةٌ للصبي؛ لأن القَطْعَ والبَدَنُ [غَضٌّ رخص] (?) والمقطوع قَدْرٌ [يَسِيرٌ سَهل] (?) أسهل عليه، وأجرى [الإِمام الوجهين] فيما إذا ختن الإمَامُ الصَّبِيَّ الذي لا وَلِيَّ له، وجعل الظاهر نَفْي الضَّمَانِ إِلْحَاقاً للختان والحالة هذه بالمُعَاَلَجَاتِ.

وإن خَتَنَة أَجْنَبِيٌّ. قال في "التهذيب": يحتمل أن يُبْنَى ذلك على أن الإِمَامَ إذا خَتَنَ في الحر والبرد، فمات المَخْتُونُ -هل يَضْمَنُ؟ إن قلنا: نعم، فكذلك هاهنا، وإلا فلا ضَمَانَ.

وفي "أمالي" أبي الفرج السَّرَخْسِيِّ: أنه يُبْنَى ذلك على أن الجُرْحَ اليَسِيرَ هَل يَتَعَلَّقُ به القِصَاصُ؟ وفيه وجهان:

إن قلنا: نعم، فهو عَمْدٌ، إلاَّ شبه عَمْدٍ. والله أعلم بالصواب.

فرع

إذا أوجبنا الضَّمَانَ بالخِتَانِ في الحَرِّ المُفْرِطِ، أو البَرْدِ المُفْرِطِ، فالواجب جَمِيعُ الضَّمَانِ للتَّعَدِّي أو نصفه؛ لأن أَصْلَ الخِتَانِ واجبٌ، والهَلاَكُ حصل من مُسْتحقٍّ، وغير مستحقٍّ فيه وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015