التعزير، كالذي [غَلَّ] (?) (?) في الغَنِيمَةِ، والذي لَوَى شِدْقَهُ بيده حين حَكَمَ النبي -صلى الله عليه وسلم- للزبير في شِرَاجِ الحَرَّةِ وأَسَاءَ الأَدَبَ.
وإن تَعَلَّقَتِ الجِنَايَة بِحَقِّ الآدَمِيِّ، فهل يجب التَّعْزِيرُ إذا طلب؟ فيه وجهان:
أحدهما -وهو قَضِيَّةُ إِيرَادِ صَاحِبِ "المهذب" أنه يجب كالقِصَاصِ (?).
والثاني: لا يجب كما [لا] يجب التَّعْزِيرُ في حَقِّ الله -تعالى- وهذا ما أَطْلَقَهُ الشيخ أبو حَامِدٍ وغيره، وقَضِيَّةُ ما في "التهذيب" تَرْجِيحُهُ.
قال الإِمام: قَدْرُ التَّعْزِيرِ، وما به التعزير -يَتَعَلَّق بِرَأْي الإِمام، ولا يكاد يظهر منه جنَايَةٌ عند الإِمام إلاَّ وهو يُوَبّخُهُ ويلومه (?) عليه، ويُغْلِظُ عليه القَوْلَ فيؤول الخِلاَفُ إلى أنَّه هل يجوز الاقْتِصَارُ على المَلاَمِ والتوبيخ بالكلام، وهذا قوله في الكتاب "ولكن هل يَجُوز له الاقْتِصَارُ على التوبيخ باللِّسَان ... " إلى آخره. وقوله: "دون الضَّرْب" تأكيدٌ وإيضاحٌ، وفيما سواه ما يُغْني عنه. ولو عَفَا مُسْتَحِقُّ العُقُوبَةِ عن القِصَاصِ، أو الَحد، أو التعزير فهل للإمام التَّعْزِيرُ؟ فيه وجوه:
أحدها: لا؛ لأن المُسْتَحِق قد أَسْقَطَهَا.
والثاني: نعم؛ لأنه لا يَخْلُو عن حَقِّ الله -تعالى- ولانه قد يَحْتَاجُ إلى زَجْرِ غَيْرِهِ، وإلى زَجْرِهِ عن مِثْلِ تلك الجناية.
وأشبههما: الفَرْقُ بين أن يكون العَفْوُ عن الحَدِّ، فلا يعزر، وبين أن يكون عن التعزير، فيعزر؛ لأن الحَدَّ لاَزِمٌ مُقَدَّرٌ، ولا يَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الإِمَام، فلا سَبِيل إلى العُدُولِ إلى غيره بغير سُقُوطِهِ، والتعزير يَتعَلَّق أصله بِنَظَرِ الإِمام، فَجاز ألا يُؤَثِّرَ فيه إِسْقَاطُ غَيْرِهِ. [والله -عَزَّ وَجَلَّ- أعلم].