إحداها: [ليسكن] (?) الجَلْدُ بالسَّوْطِ، والسوطُ المعتاد مُعْتَدِلٌ في الحَجْمِ، وَاقِعٌ بين القَضِيبِ والعَصَا، وبه تُعْتَبَرُ سائر الخَشَبَاتِ، وما يعتبر من التوسط في الحجم، يعتبر في الصفات، فلا يَنْبَغِي أن يكون [رَطْباً] (?) طَرِيّاً؛ لأنه يثقله (?) بشق (?) الجِلْدِ، ويغوص في البَدَنِ (?)، ولا أن يكون في غايَةِ اليُبُوسَةِ (?)، فإنه لا يُؤْلمُ [لِخِفَّتِهِ،] (?) وأيضاً فيتشظّى.
وقد رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يَجْلِدَ رجلاً، فأتي بسَوْطٍ خَلَقٍ، فقال: "فَوْقَ هَذَا" فأتي بسوط جَدِيدٍ. فقال: "بَيْنَ هَذَيْنِ" (?) وروي مِثْلُ ذلكَ عن عُمَر وَعَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنهُما-. وكذلك ينبغي أن يَضْرِبَ ضَرْباً بين ضربين، فلا يرفع الضَّارِبُ يَدَهُ فوق الرأس؛ بحيث تَبْدُو عَفْرَاءَ الإِبطِ، فإنه يَشْتَدُّ أَلَمُهُ، ولا يضع السَّوْطَ عليه وَضْعاً، فإنه لا يُؤْلِمُ، ولكن يرفع ذِرَاعَهُ ليَسْتَلِبَ السَّوْطُ ثِقَلاً.
روي عن عَلِيٍّ -كَرمَ الله وَجْهَهُ- أنه قال: سَوْطٌ بين سَوْطَيْنِ، وضرب بين ضَرْبَيْنِ. وعن عمر وعلي وابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-[أنهم] (?) قالوا لِلْجَلاَّدِ: لا ترفع يَدَكَ حتى يُدْمَى بَيَاضُ إِبِطِكَ.
فإن كان المجلود رَقِيقَ الجِلْدِ يَرْمِى بالضَّرْبِ الخَفِيفِ، فلا يُبَالَى به.
الثانية: يُفَرِّقُ السِّيَاطَ على الأَعْضَاءِ، ولا يجمع في مَوْضِع واحد، وَيَتَّقِي الوَجْهَ والمقَاتِلَ (?) كثُغْرَة النَّحْرِ والفَرْجِ، ونحوهما. روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال (?): "إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَّقِ الوَجْهَ " وأيضاً فالوَجْهُ مَجْمَعُ المَحَاسِنِ، وَأَثَرُ الشَّيْنِ (?) فيه يَعْظُمُ.