عرف ذلك، فَحَدُّ الشرب أَرْبَعُونَ على الحُرِّ، وعشرون على الرَّقيق.

وعند أبي حَنِيْفَةَ ومالك: حَدُّ الشُّرْبِ ثَمَانُونَ، واخْتَارَهُ ابْنُ المُنْذِرِ.

لنا: ما سبق، وأيضًا فقد رُوِيَ أنه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أمر حتى جُلِدَ الشَّارِبُ أربعين. وهل يجوز أن يُضْرَبَ بالأيدي، والنِّعَالِ، وأطراف الثِّيَابِ أم (?) يتعين الجَلْدُ بالسَّوْطِ؟ حَكَى الإِمَامُ وغيره فيه وجهين:

أحدهما: أنه يَتَعَيَّنُ الجَلْدُ بالسِّيَاطِ؛ لأنه روي عن عُمَرَ وَعَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- الجَلْدُ بالسَّوْطِ، واسْتَقَرَّ الأَمْرُ عليه، فلا مَعْدَلَ عنه.

وأصحهما: أنه يجوز؛ لأنه المَنْقُولُ عن عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ولم يَثْبُت فيه نَسْخٌ، والذين عَدَلُوا إلى السِّيَاطِ أَخَذُوا بالتَّعْدِيلِ والتقويم. ويروى عن أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أُتِيَ بِشَارِبٍ فأمر عشرين رَجُلاً، فَضَرَبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ منهم مَرَّتَيْنِ بالجَرِيدِ والنِّعَالِ (?).

ومنهم من رَأَى الضَّرْبَ بالأَيْدِي والنِّعَالِ جائزًا لاَ مَحَالَةَ، وذكروا وجهين في أنه هل يَتَعَيَّنُ، أم يجوز العُدُولُ إلى السِّياطِ؟ هكذا حكاه صاحب "البَيَان" وظاهر المَذْهَبِ أن كُلاًّ منهما جَائِز؛ أما الأول، فلأنه الأَصْلُ، وبه وَرَدَتِ الأَخْبَارُ.

وأما الثاني، فلفعل الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- واسْتِمْرَارِهِمْ عليه.

ولو رأى الإِمَامُ أنه يزيد فيبلغ بها ثَمَانِينَ، ففيه وجهان:

أصحهما: الجَوَازُ؛ لما رَوَيْنَا في القِصَّةِ، وعلى هذا فلو ضَرَبَهُ بين الأربعين والثمانين، فيجوز.

والثاني: المَنْعُ؛ لما روي أن عَلِيًّا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- رَجَعَ عن ذلك، وكان يَجْلِدُ في خِلاَفَتِهِ أربعين، وإذا جَوَّزْنَا للإمام أن يبلغ الضَّرَبَات ثَمَانِينَ، فالزيادة على الأربعين حَدٌّ أو تعزير؟ في "تعليق" إبراهيم المَرْوَذِيِّ حكايته وجهين [فيه] (?) عن أبي إِسْحَاقَ المَرْوَذِيّ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015