قال الغزالي: الشَّرْطُ الرَّابعُ تَرْكُ الكَلاَمِ، وَالعَمْدُ مِنْهُ مَعَ العِلْمِ بِتَحْرِيمِهِ مُبْطِلٌ لِلصَّلاَةِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَتَبْطُلُ الصَّلاَةُ بِالحَرْفِ الوَاحِدِ إنْ كَانَ مُفْهِمًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفهِمًا فَلاَ تَبْطُلُ إِلاَّ بِتَوَالِي حَرْفَيْنِ، وَفِي حَرْفٍ بَعْدَهُ مَدَّةٌ تَرَدُّدٌ، وَالتَّنَحْنُحُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ مُبْطَلٌ فِي أَصَحِّ الوُجُوهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَتِ القِرَاءَةُ إِلاَّ بِهِ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الجَهْرُ فَوَجْهَانِ.

القول في الكلام في الصلاة

قال الرافعي: عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ صَلاتَنَا هَذِهِ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ الآدَمِّيِينَ، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَتِلاَوَةُ الْقُرْآنِ" (?).

وروي أن -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللهَ يُحْدِثُ مَن أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وإنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَنْ لاَ تَتَكَلَّمُوا فِي الصَّلاَةِ" (?).

للمتكلم في الصلاة حالتان:

أحداهما: أن لا يكون معذوراً فيه.

والثانية: أن يكون معذوراً، وهذا الفصل مسوق لبيان الحالة الأولى فينظر إن نطق بحرف واحد لم تبطل صلاته، إلا إذا كان مفهمًا أما أنه لا تبطل إذا لم يكن مفهماً، فلأن أقل ما بني عليه الكلام حرفان، والحرف الواحد ليس من جنس الكلام، وأما أنه تبطل إذا كان مفهمًا فلاشْتِمَالِهِ على مقصود الكلام، والإعراض به عن الصلاة، ومثال الحرف الواحد المفهم "ق" و"ش" و"من" و"قي" و"وشي" وما أشبه ذلك، فإنه يفهم وإن كان ينبغي أن يسكت عليها بالهاء، وإن نطق بحرفين، بطلت صلاته، سواء أفهما أم لا؛ لأن ذلك من جنس الكلام، والكلام ينقسم إلى مفيد وغير مفيد، ولو أتى بحرف ومدَّة بعده، فهل هما كالحرفين؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنها قد تتفق لإشباع الحركة ولا يعد حرفًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015