فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لا يُقْطَعُ إلاَّ إِذَا اطَلَّعَ المَالِكُ وَأَهْمَلَ، وَلَوْ أَخْرَجَ غَيْرَهُ فَلاَ قَطْعَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ تَعَاوَنَا حَتَّى يَشْتَرِكَا فِي النَّقْبِ وَالإِخْرَاجِ قُطِعَا، وَإِن أشْتَرَكَا فِي النَّقْبِ وَانْفَرَدَ وَاحِدٌ بِالإِخْرَاجِ فَالقَطْعُ عَلَيْهِ خَاصَّةً، وَلَوْ أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي النَّقْبِ سُدُساً وَالآخَرُ ثُلُثاً فَلاَ قَطْع إِلاَّ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي الاشْتِرَاكِ فِي النَّقْبِ التَّحامُلُ عَلَى آلة وَاحِدَةٍ بَل التَّعَاقُبُ فِي الضَّرْب شَرِكَةٌ بِخِلاَفِ قَطْعِ اليَدِ فِي القِصَاصِ، وَلَوْ دَخَلَ أحَدُهُمَا وَأَخْرَجَ المَالَ إِلَى بَابِ الحِرْزِ فَأدْخَلَ الآخَرُ يَدُهُ وَأَخَذَهُ فَعَلَيْهِ القَطْعُ لاَ عَلَى الأَوَّلِ، وَإِنْ وَضَعَ الأَوَّل خَارجَ الحِرْزِ فَعَلَيْهِ لاَ عَلَى الآخِذِ، وَإِنْ وَضَعَ عَلَى وَسَطِ النَّقْبِ وَأَخَذَ الآخَرُ فَقَوْلانِ: (أَحَدُهُمَا): أنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا (وَالثَّانِي) أَنَّهُ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِمَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: حصَل الفراغُ من الرُّكْنِ الأَوَّل، وهو المسروق وتبيَّنَ ما يُعتَبَرَ فيه؛ لوجوب القطع، وهذا الركْن الثاني كلامٌ في نفس السرقة، وقد مرَّ في صدْر الباب؛ أن السرقةَ أخذُ المالِ على وجْه الخُفية، فمن أخذ عياناً، كالمختَلِس والمنتهب، لم يلزمه القطْع، والمخْتَلِسُ الذي يعتمدُ الهَرَب، والمنتهب الذي يعتمد القوَّة والغلَبة، وكذلك لا قطْع على المودَعِ إذا جَحَد، وعن أحمد: أن عليهم القطْع.

لنا: ما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال (?): "لَيْسَ عَلَى المُخْتَلِسِ وَالمُنتَهِبِ وَلاَ عَلَى الخَائِنِ قَطْعٌ، وفُرِقَ بينهم وبيْن السارق من جهة المَعْنَى بأن السارق يأخُذُ المالَ في خُفْية، فلا يتأتَّى منْعه، فُشرع القطْع زجراً، وهؤلاء يقْصِدون المال عياناً، فيمكن دفْعُهم بالسلطان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015