عاتقه قبله، ويتبين بما ذكرناه أن قوله: (إلا إذا كانت كثافة لحيته مانعة من الرؤية) ليس لحصر الاستئناء في هذه الصورة، بل لو صلى في قميص متسع الجيب وشد وسطه، أو أتى بطريق آخر يمنع الرؤية كما سبق جاز [وقوله] (?) (وكذا لو ستر باليد بعض عورته) في جريان الوجهين، والأصح منهما.

وأعلم: أنه يشترط في الستر أن يكون الساتر شيئاً يشتمل المستور عليه إما باللبس كالثوب والجلد، أو بغير اللبس كما في سورة التطيين، فأما الفسطاط الضيق ونحوه فلا عبرة به؛ لأنه لا يعد مشتملاً عليه، وإنما يقال: هو داخل فيه.

ولو وقف في جب وصلى على جنازة، فإن كان واسع الرأس تظهر منه العورة لم يجز، وإن كان ضيق الرأس فقد قال في "التتمة": يجوز ذلك، ومنهم من قال: لا يجوز؛ لأنه لا يعد ذلك سترًا (?).

قال الغزالي: وَلَوْ وَجَدَ خِرْقَةً لاَ تَكْفِي إِلاَّ لإحْدَى سَوْءَتَيْهِ لَمْ يَسْتُرْ بِهَا الفَخِذَ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ السَّوْءَتَيْنِ عَلَى أَعْدَلِ الوُجُوهِ إِذْ لاَ تَرْجِيحَ، وَلَوْ عُتِقَتِ الأَمَةُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ تَسَتَّرَت وَاسْتَمَرَّتْ فَلَوْ كَانَ الخِمَارُ بَعِيداً فَعَلَى قَوْلي سَبْقِ الحَدَثُ.

قال الرافعي: في الفصل مسألتان نذكرهما، وما يليق بهما في قاعدتين:

أحدهما: إذا لم يجد المصلي ما يستر به العورة صلى عارياً، والقول في إنه كيف يصلي؟ وإذا صلى هل يقضي؟ قد سبق في آخر كتاب التيمم، ولو حضر جمع من العراة؛ فلهم أن يصلوا جماعة، وينبغي (?) أن يقف إمامهم وسطهم كالنسوة إذا عقدن الجماعة، وهل يسن لهم إقامة الجماعة أم الأولى أن ينفردوا؟ فيه قولان: "القديم" أن الانفراد أولى (?)، ويحكى عن ابن حنيفة، ولو كان فيهم لاَبِسٌ فليؤمهم، وليقفوا صفاً واحداً خلفه فإن خالفوا فأم عارٍ واقتدى به اللابس جاز خلافاً لأبي حنيفة، حيث قال: لا يجوز اقتداء اللابس بالعاري، ولو اجتمع رجال ونساء فلا يصلون معاً، لا في صف واحد ولا في صفين، بل يصلي الرجال أولاً، والنساء جالسات خلفهم مستدبرات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015