وعند أبي حنيفة: لا قطْع في سرقتها، وربَّما يُرْوَى مثْلُه عن مالك.

لنا: إطلاق آية السرقة، وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عن التَّمْر المُعَلَّق، فَقَالَ: مَنْ سَرَقَ منْهُ شَيْئًا بَعْدَ أنْ يَأْوَيهُ (?) الجَرينُ، فَبَلَغَ ثمنَ المِجَنِّ، فَعَلَيْهِ القَطْع (?) وكان ثمن المجَنِّ عندهم رُبعَ دينار وثلاثة دراهمَ، وإنما اعتبر إيواء الجَرِين، ليصير محرَّزاً، فإن بساتينهم، لم تكنْ محُوطَةً محرَّزة، وعلى ذلك، حُمِل قوله -صلى الله عليه وسلم- (?) "لاَ قَطْعَ في تَمْرٍ، وَلاَ كَثر" [والكثر] (?) جُمَّار (?) النخْل، وهو شحمُه، وعن عثمان -رَضِيَ اللهُ عنْهُ- أنه قطعَ سارقاً في أتْرُجَّةٍ قِوِّمَتْ بثلاثة دراهم.

ومنها: إذا سرق عيناً، فقُطِعت يدُه، فسرقها مرةً أخرى من المالك الأول أو من غَيْره، قُطِع ثانياً، وقال أبو حنيفة: لا يُقطَع إلا أن يَتبدَّل المالك أو يتغير (?) العيْن بصنعةٍ فيها كالغَزْل، يُنْسَج، والرُّطَب يُثْمِر.

لنا: أن القطْع عقوبةٌ يتعلَّق بفعل في عين، فيتكَّرر بتكرُّر ذلك الفعل، كما لو زَنَى بامرأة وحُدَّ ثم زَنَى بها ثانياً.

ومنها: لا يُشْترط أن يكون المسروقُ في يد المالك، بل السرقةُ من يد المُودَع والمرتَهِن والوَكِيل وعامِلِ القراض والمستعير (?) والمستأجر يوجِبُ القطْع؛ لأن أيديهم ثابتةٌ على المال بحَقِّ، كيد المالك، وهذا لا خلافَ فيه، ثُمَّ الخَصْم فيها المالكُ، وعند أبي حنيفة: لمَنْ في يده أن يُخَاصِم.

ومنها: إن قلْنا: لا يُمْلَك المَاء، فلا قطْع بِسرقته، وإن قلْنا: إنه يُمْلَك، ففيه وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015