الوجهَيْن فيما إذا ادَّعَى الملْك للشريك، وأنكر الشريكُ، وإليه ذهب صاحب "التلخيص" وقد يُفْرَق بينهما بأنَّ تعلَّق السيد بالعبد فوْق تعلُّق الشريكِ بالشريك؛ ألا ترى أن يد العبد يدُ السيد، وتمليك العبد تمليكُ السيد، فجعلت دعْوَى ملْك السيد كدَعْوَى الحرِّ ملْك نفسه.
ولو ادِّعَى السارق نقصانَ قيمة المسروقِ عن النصاب، لم يُقْطَع، فإن قامتِ البينةُ على أن قيمته تبلغُ تمام النصاب، قُطِع؛ بخلاف ما لو ادَّعَى أنه ملْكه، لا يُقْطَع، قاله في "التهذيب"، واعلم أن ترجمة هذا الشرْط كوْنُ المسروق ملكاً لغير السارق، والصورةُ الأولَى، والثانيةُ، والرابعة متعلِّقة بهذه الترجمة، وأما الثالثة، وهي انتقاصُ قيمة المسروق في الحرز، فهي أجنبية عنْها، [وهي] بترجمة الشرط الأول، [وهو] أن يكون المخرَجُ نصاباً أليق.
قال الغَزَالِيُّ: (الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مُحْتَرِماً) فَلاَ قَطْعَ عَلَى سَارِقِ الخَمْرِ وَالخَنْزِيرِ وَلاَ عَلَى سَارِقِ الطُّنْبُورِ وَالمَلاَهِي وَالأَوَانِي الذَّهَبِيَّةِ الَّتِي يَجُوزُ كَسْرُهَا إِنْ قَصَدَ السَّارِقُ بِإخْرَاجِهَا الكَسْرُ، وَإِنَ قَصَدَ السَّرِقَةَ وَرُضَاضُهَا نِصَابٌ، فَوَجْهَانِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: لمتأمَّلٍ أن يقول: إذا شَرَطْنا أن يبلغ المسروقُ نصاباً بالقيمة، فقد شرَطْنَا أن يكون مالاً محترماً؛ لأن ما لا قيمة له لا يكونُ نصَاباً، فَإِذَنْ هذا داخل في الشرط الأول، ثم في الفقْه مسألتان:
إحداهما: من سرق خمراً أو خنزيراً أو كلباً (?) أو جِلْد ميتة غيْرَ مدبوغ، فلا قطْع (?) عليه، سواء سَرَقَهُ من مسلمٍ أو ذميٍّ؛ لأنه لم يَسْرِق مالاً، فلو كان الإناءُ الذي فيه الخمْرُ يَبْلُغ [نِصاباً]، فوجهان:
أحدهما: لا يجب القطْع أيضاً؛ لأن ما فيه مستحَقُّ الإراقة، فيصير شبهةً في دفْعِه، وبهذا يقول أبو حنيفة؛ لأن عنده إذا سَرَقَ ما يُقْطَع [فيه]، وما لا يُقْطَع لا [يقطع] (?).
وأصحُّهما، ويحكى عن نصه: أنه يجب؛ لأنه سرق نصاباً من حِرْزه.