كَمَا لَوْ أَخرَجَ نِصَاباً من حِرْزَيْنِ، وَلَو اشْتَرَكَ رَجُلاَنِ فِي حَمْلِ مَا دُونَ النِّصَابِ لَمْ يُقْطَعَا، وَلَوْ بَلَغَ نِصْفَ دِينَارٍ قُطِعَا، وَينْبَغِي أَنْ تَكُونَ القِيمَةُ بَالِغَةً نِصَاباً قَطْعاً لاَ بِاجْتِهَادِ المُقَوِّمِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: السرقةُ: أخذُ المالِ على وجْه الخُفْية، ويتعلَّق بها القطْع في الجملة بالإجماع والكِتَاب؛ قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] والكلام فيما يوجِبُ القطْع، وفيما يثبت الموجِبُ به، وفي القطْعِ نَفْسِهِ، فهذه ثلاثة أطرافٍ لا بُدَّ من النظر فيها.
أما الموجِبُ، فهو السرقة، ولا شك أن السرقةَ فعْل متعد يتعلَّق بمسروق، ويصدر من سارق، فهذه ثلاثة أركان، ولا بد من معرفة ما يعتبر في المْسرُوق، وفي نفس فعْل السرقة، وفي السارق؛ ليتم الموجِبُ.
أما الركن الأول: وهو المسرُوق، فقد ضبط شروطَهُ في ستة.
أحدُها: أن يكون نصاباً، وهو رُبُعُ دينارٍ من الذهب الخالِص، فلا قطْع فيما دون ذلك؛ لما رُوِيَ عن عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "يُقْطَعُ اليَدُ في رُبُع دِينَارٍ فَصَاعِدًا" وَيُرْوَى "لاَ قَطْعَ إلاَّ فِي رُبُع دِينَارٍ" (?) ولو سرق ديناراً مغشوشاً، نُظِر؛ هل يبلغ خالصه ربعاً أم لا؟ ولو كان المسرَوق ما سوى (?) الذهَب، قُوِّم بالذهب، حتى لو سَرَقَ دراهمَ، قُوِّمت بالذهب أيضاً.