أحدهما: القطع بأنه كاللواط؛ فعلى هذا ينجذب قول التعزْير على رأْي.

والثاني: القطع بأن الواجب فيه التعزيرُ، حكاه صاحب "البيان" وغيره، وبه قال مالك وأبو حنيفة.

فيجوز أن يُعْلَمْ لهما قوله في الكتاب "وفي البهيمة قولان" بالواو.

التفريع: إن أوجبنا القَتْل، ففى كيفيته الخلاف المذكور في اللواط، وهل تقتل البهيمة؟ ذكر الشيخ أبو حامد وجماعةٌ أنها إن كانَتْ مأكولةٌ، تقتل، وإلا فوجهان:

أحدهما: أن الجواب كذلك؛ لظاهر الخبَرَيْن.

والثاني: المنعُ؛ لما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عن ذبْحِ الحيوان، إلا لمَأْكَلَة (?)، وفي إسناد الخبَر كلامٌ، ومنهم مَنْ أطلق الوجهين في المأكول وغيره، ويخرَّج من الطريقين ثلاثةُ أوجه؛ ثالثها الفرْقُ بين المأكول وغيره.

التفريع: إن قلْنا: [إنها] تقتل، فقد ذكروا فيه معاني:

أحدُها: كراهية أكلها، لو أُمْسِكَت.

والثاني: أنه لِئَلاَّ يَذْكُر الفاحشة بها.

والثالث: [خوف أن] يأتي بخَلْقِ مشوَّه يشبه بعْضُه الآدميَّ، وبعضه البهيمةَ، المَعْنَى الأول يختص بالمأكول، والثاني والثالث يشملان المأكول وغيره، فمن قال: يُقْتَل المأكول دون غيره، يجوز أن يَذْهَب إلى المَعْنَى الأول، ولو أتى البهيمة في دُبُرها، فيقتل على المعنى الأول والثاني، ولا يُقْتَل على المعنى الثالث، وهل يَحلُّ أكلُها، إذا كانت مأكولةً، وذبحت؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأنها مُذكَّاةٌ كغيرها؛ وهذا ما رجَّحه الإِمام وصاحب "التهذيب".

والثاني: لا: لما سبق في الرواية عن ابن عباس -رَضِيَ اللهُ [عَنْهُمَا]-، وأيضاً، فإنه، إذا وجب قتلها، التحقت بالمؤذيات، وهذا أصحُّ عند الشيخ أبي حامد، فإن قلْنا: لا يحل أكلها، أو كانت غير مأكولة، فهل يجب ضمانُها، إذا كانت لغير الفاعل؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنها صارت مستحِّقة القتل شرعاً، كالعبد يُقتل حدّاً.

وأظهرهما: نعم؛ لأنه حيوانٌ أتلف، بلا جنايةٌ، وعلى هذا، فعلى من يجب الضمان؟ فيه وجهان عن أبي علي الطبريِّ وغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015