أن الصغر يمنع كمال اللذة، والرقٌ لا يمنع، وادعى كثير من الأئمة أنا إذا شرطْنا وقوع الإصابة بعْد الحرية والتكليف، كان الوصفان شرطَيْن في الإحصان نفْسه، وإن لم نشْرط، فهما شرطان لوجوب الرجم، والاحصانُ حاصلٌ دونهما، وهذا ليس بلازم، لجواز أن يكون الإحصانُ عبارةٌ عن الأوصاف الثلاثة من غَيْر أن يعتبر فيها ترتيب، كما أنه لا يعتبر الترتيب بيْن وصْفَي الحريةِ والتكليفِ، وإذا قلْنا: يشترط وقوع الإصابة في حال الكَمَال، فهل يشترط أن يكون الثاني من الواطِئَيْن في حال الكمال؟ حينئذ أيضاً أطْلَقَ مطلقُون، منْهم القاضي أبو الطيب فيه قولَيْنِ:

أحدهما، وينسب إلى "الإِمْلاء" وبه قال أبو حنيفة: أنه يُشْترط، حتى لو كان أحدهما كاملاً دون الآخر، لم يَصِر الكاملُ محصَناً أيضاً؛ لأنه وطءٌ لا يصير أحد الواطئَيْنِ محصَناٌ به، فكذلك الآخر كالوطء بالشُّبْهة.

وأصحُّهما، ويُرْوَى عن الأم: أنه يصير الكامل محصَناً؛ لأنه حر مكلَّف أصاب بنكاح صحيح، فأشبه ما إذا كانا كاملَيْن، وعن الشيخ أبي حامد وغيره: أنه، إن كان نقصانُ الناقص منْهما بالرقِّ، فيصير الكاملُ محصناً بلا خلاف، وإن كان نقصانُه بالصِّغر أو الجنون، ففيه القولان، والفرْقُ أن تأثير الرِّقِّ في الحدِّ دون تأثير الصِّغَر والجنون، فإنهما يُسْقِطان أصل الحدِّ بخلاف الرق، ورُوِيَ أنه سئل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن الأمة، هل تُحْصِنُ الحر، قال: نعم، قيل: عمن تَرْوِي؟ قال: أدركْنا أصحابَ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- (?) يقُولُونَ ذلك، ويَقْربُ من هذا ما أورده الإِمام، فإنه قال: الرقُّ في أحدهما لا يَمْنَع حصولَ الإحْصَان في الآخر، وحكى في الصغَر وجهَيْن عن صاحب "التقريب" ثم رأى تخصيص الخلاف بما إذا كانت الصغيرةُ بحيث لا يشتهَى مثْلُها، والصغير بحَيْث لا يشتهيه النساءُ، والقطْع بأنه لا أثر للصغر في حقِّ المراهق، والمراهقة، ويَخْرُج من هذا طريقة في الصغر مفصَّلة.

الصورة الثانية: إذا زنا الثيب ببكر رُجِم، وجُلِدَّت، وغُرِّبت، ولو زنا البكْرُ بامرأةٍ ثيب جُلِد وغُرِّب (?) ورُجِمَتْ وبدل عليه حديث العَسيف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015