الأسْلَمِيَّ -رَضِيَ الله عَنْهُ- اعْتَرَفَ بِالزِّنَا عنْدَ رَسُولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- فَرَجَمَهُ، وَعَنْ بريدة أَنَّ امرأةً مِنْ غامِدٍ اعْتَرَفَتْ بهِ فأمَرَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- بِرَجْمِهَا، وعن عمران بن الحُصَيْن -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مثلُ ذلك في امرأَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ.
إذَا عرفتَ أصولَ البابِ، فلا بد فيه من معرفة ما يوجِبُ الحدَّ ومعرفة الحد الواجب، وأنه كيف يستوفَى بَعْد ما وجب، فجَعَلَ صاحبُ الكتاب كلام الباب في طرَفَيْنَ.
أحدهما: في الوجوب.
والثاني: في الاستيفاء، وبيَّن في الأول الموجِبَ والواجِبَ مرتبطاً (?) أحدهما بالآخر، فقال: "والضابط أن إيلاج الفرج في الفرْج المحرَّم قطعاً المشتهَى طبعًا، إذا انتفت عنه الشبهة سببٌ (?) لوجوب الرجْم على المحصَن، ولوجوب الجلْد والتغريب عَلَى غير المحْصَن" قوله: "وفي الرابطة قيود" أراد بالرابطة ما سمَّاه ضابطاً أولاً، وإذا شرَحْنا القيود المذْكورة تَبيَّن لك أن قولَه "المحرَّم قطعاً" وقوله "إذا انتفتْ عنه الشبهة" أحدهما مغنٍ عن الآخرِ، وأنه يجوز أن يُعْلَم قوله "إيلاج الفرج في الفرج" وقوله "المحرم قطعاً" وقوله "المُشتهَى طبعاً" وقوله "إذا انتفت عنه الشبهة" كلها بالواو، ولفْظ التغْريب بالحاء والميم، ولا يخفى أن الحُكْم منوطٌ بإيلاج قدْر الحَشفة لا بجميع الفَرْج، واعلم أن لفْظ البكْر والثيب في الحديث الذي سبق بمَعْزِل عن بقاء العذرة وزوالها اللَّذَيْن باعتبارهما يُطْلَق اللفظان في غير هذا الباب، وإنما المراد من الشيب المحْصَن، ومن البكْر غيره، فحدُّ المحْصَن الرجْمُ رجلاً كان أو امرأةً، ولا يجلد مع الرجْم، وقال أحمد: يجلد أولاً ثم يُرْجَم، وفي "الشامل" وغيره: أنه اختيار ابن المنْذِر منْ أصحابنا؛ لِما سبق من حديث عُبَادة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ويُرْوَى أن عليّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- جلد شراحة الهمدانية، ثم رجَمَها، وقال: جَلَدتُّهَا بكِتَابِ اللهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- (?) وَوَجْه ظاهر المذْهب [ما]