لنا ما روي [عن] ابن عبَّاس -رَضِيَ اللهُ [عَنْهُمَا] (?) - أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ بدَّلَ دينَهُ فَاقْتُلُوهُ" (?) وعن جابر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن امرأةً يقال لها أمُّ رُومَانَ ارتدَّتْ فَأَمَرَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- "بأن يَعْرِضَ عَلَيْها الإِسْلاَمَ، فَإِنْ تَابَتْ وَإِلاَّ قُتِلَتْ" (?)، وأيضاً فإن المرأة تُقْتَل بالزنا بعْد الإحصان، فكذلك في الكُفْرَ بعْد الإيمان، كالرجل [وأيضاً] (?) فنقيس على ما سلَّمه، فإن تاب المرتدُّ، وعاد إلى الإسلام، قُبلت توبته وإسلامه، سواءٌ كان مسلماً أصليّاً فارتدَّ، أو كافراً فأسلم ثم ارتد؛ لقوله تعالىَ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فإذا قَالُوهَا، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهُمْ" (?) ونحوهما من العموماتِ، وهل يُفْرَق بين أن يكون كفْره الذي ارتَدَّ إليه كفراً ظاهراً أو غيره، ككفر الباطنية، فيه وجوه، وكذا الكافر الأصليُّ إذا أسلم [وتاب] (?) [ثم مات]، هل يَفْتَرِقُ الحال بيْن أن يكون ظاهرَ الكفْر وبين أن يكون زنديقاً؛ يظهر الإسلام ويُبْطِن الكفر، وذلك بأن تقوم البينةُ على كفْره باطلاع الشهود على كلمة الكُفْر [منه] في خَلْوة.

أظهرُ الوجوه: أنه لا فَرْق، وتقبل توبة الزنديق وإسْلامُه، وهذا هو المنصوص في "المختصر" ولم يورد العراقيُّون غيره، واحتَّج له بإطلاق الآية والخبر، وبما رُوِيَ (?) أنه اشتدَّ نكير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أُسامة (?) حِينَ قَتَلَ من تكلَّم بكلمة الإسلام، وقال: إنَّما قَالَهَا فَرَقاً مِنِّي، فَقَالَ [عَلَيْهِ السَّلاَمُ] (?) "هَلاَّ شَقَقْتَ عَن قَلْبه"؟ وبأنه يمتنع (?) أن يظهر الحقُّ لزنديق كما لا يمتنع (?) أن يتزنْدق مُسْلِم، فكيف لا يُمَكَّنُ من الرجوع إلى الحقِّ؟

والثاني: وبه قال مالك وأحمد: أنه لا تقبل توبتُه ورجوعُه إلى الإسلام؛ لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015