بسب الإِمام أو غيره من أهل العدْل يُعزَّرون، وإن عرَّضوا، فوجهان؛ في وجه يعزَّرون؛ كي لا يرتقوا إلى التصْريح، وفي وجْهٍ، لا؛ لما روي عن عليٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ولو بَعَث الإِمام إليهم والياً، فقتلوه، فعلَيْهم القصاصُ، وهل يتحتم قتل قاتله كقاطع الطَّريق؛ لأنه شهر السلاح أوْلًا؛ لأنه لم يقْصِد إخافة الطُّرُق، وأخذ الأموال؟ فيه وجهان، وأطلق صاحب التهذيب أنهم، إنْ قاتَلُوا، فهم فسقة، وأصحابُ بهتْ، فحكْمُهم (?) حكم قطَّاع الطريق، وهذا كلُّه جواب على أنهم لا يُكَفَّرون، والنَّظَر في الطريقة الأولَى، إذا لم يجعلوا كأهل البغي إلى ضَعْف تأويلهم.
وفي الثانية، إلى أنهم في قبضة الإِمام، لم يوجد منْهم خروجٌ ومخالفةٌ [والله أعلم].
[والصفة] (?) الثانية: أن يكون لهم شوكةٌ وعددٌ؛ بحيث يحتاج الإِمام في ردِّهم إلى الطاعة إلى كلفة ببَذْل مالٍ وإعدادِ رجالٍ ونصب قتال، فإنْ كانوا أفراداً يسهل ضبطهم وتسخيرهم (?)، فلَيْسُوا بأهل بغْيٍ، واحتج له بأن ابن مُلْجَمٍ قتل علياً -رَضِيَ الله عَنْهُ- متأولاً، فأقِيدَ به على ما سيأتي، ولم يُعْطَ حكم البغاة في سقُوط القصاص.
وشرطُ جماعة من الأصحاب في الشَّوْكة أن ينفرِدُوا ببلدة أو قرية أو موْضِعٍ من السِّحْراء، وربما قالوا: ينبغي أن يكونوا بحيث لا يُحِيطُ بهم أجناد الإِمام، بل يكونوا في طَرَفٍ من أطراف ولايته، والمحقِّقون قالوا: لا تعتبر هذه الصفة، وإنما المعتبر استعْصَاؤهم وخروجهم عن قبضة الإِمام، حتى لو تمكَّنوا من المقاومة مع كَوْنِهم محفُوفِين بجند الإِمام، فيجب الحَكْم بحصول الشوكة، ويرجع التفاوُتُ إلى أن عدَدَ المحفُوفِين ينبغي أن يكون أكثر من عدَدِ الواقعين في الطَّرَف.
ويتعلَّق بالشوكة صور أوردَها (?) الإِمام:
احداها: حكَى في قوم قليلي العدَدِ تقوَّوْا بحصن منيع وجْهين، ورأَى أَن الأَوْلَى