ففي المصدَّق منهما قولان، قد سبق ذكرهما في أواخر الفن الأول من القصاص:

أحدهما: وبه قال أبو حنيفة: أن المصدَّق الجاني، وهو نصُّه في هذا الكتاب (?) ورجَّحه الشيخُ أبو حامد والقاضي الرويانيُّ وجماعة.

وأظهرهما؛ على ما ذكرنا هناك أن المصدَّق الوليُّ، واختلفوا في موضع القولَيْن على ثلاثة طُرُق:

أظهرهما: إطلاقهما.

والثاني: عن أبي إسحاق أنه يُنْظَر إلى الدَّم السائل فإن قال أهل البصر: إنَّه دمُ حيٍّ، فالمصدَّق الوليُّ، وإن قالوا: إنه دم ميِّتٍ، فالمصدَّق الجاني، وإن اشتبه، ففيه القولان.

والثالث؛ عن أبي الحُسَيْن الطِّيبيِّ: أنه إن كان ملفوفاً في ثياب الأحياء، فالمصدَّق الوليُّ، وإن كان في الكفَن، فالمصدَّق الجاني (?)، وإن كان مشتبهاً، ففيه القولان، فإن صدَّقنا الجاني، فحلف، برأ، وإن صدَّقنا الوليَّ، فحلف، فله الدية.

قال الشيخ أبو حامد: ولا يستحقُّ القصاص للشبهة، وعن الماسرجسي وغيره: أنه يتعلَّق به القصاص، كما تتعلق به الدية؛ لأنَّ الخلاف في العمْد الموجِبِ للقِصَاصِ، فإذا صدَّقناه فيه، رتَّبنا عليه موجِبَه، وبهذا قال القاضي أبو الطيِّب، وبالغ (?) فيه [حين] (?) سأله أبو بكر الدقَّاق وراجَعَه فيه.

آخر: شهد شاهدٌ على رجُلٍ أنه قَتَل زيداً، وآخر أنه قَتَلَ عَمْراً، حصَل اللوْث في حَقّهما جميعاً حتى يُقْسِم الوليانِ، نصَّ عليه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في "الأم" والله أعلم بالصواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015