تتوجَّه عليهم حجَّة، ومع أنهم حلَفُوا على أنه لا شيْء عليهم، والدليلُ على أنه يبدأ بيمين المُدَّعِي ما رُوِيَ عن سهْل بن أبي خثمة أن عبد الله بن سهْلٍ ومحيصة بن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- خرجَا إلى خيبر فتفرَّقا لحاجتهما، فقُتِلَ عبْدُ الله، فقال محيصةُ لليهود: أنتم قتلتموه، فقالوا: ما قتَلْنَاه، فانطلَقَ هو وأخُوه حويصة وعبد الرحمن بن سهل أخُو المَقْتُول -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فذكَرُوا لهُ قتْل عَبْدِ الله بْنِ سَهْل، فقال: تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ نَشْهَدْ، وَلَمْ نَحْضُر، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فَيَحْلِفُ (?) لَكُمُ اليَهُودُ، فَقَالُوا: كَيْفَ نَقْبلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فذكر أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَدَاهُ مِن عِنْدِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِمائَةِ ناقَةٍ، قَالَ سَهْلٌ: لَقَد رَكَضَنِي مِنها ناقَةٌ حَمْرَاءٌ (?) ويروى [فَيُقْسِمُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُنْفَعُ ألِيكم بِرمَّته ويروى] (?) أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي، والْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ إلاَّ في القَسَامَةَ" (?) هذا هو القول الجُمَليُّ في القسامة، وإذا طلبتَ التفْصيل احتجْتَ إلى معرفة محَلِّ القسامة، ومظَنَّتها، ثم إلى معرفة كيفيتها، ثم إلى معرفة حُكْمها وفائدتها، ثم معرفة مَنْ يُقْسِم، فهذه أركان النَّظَر في الباب، فلذلك قال في الكتاب: "وفيها أربعة أركان، الركن الأول مظنتها" وفيه ثلاثة قيود: