مَرَاحِ الْغَنَم، فَصَلُّوا فِيهَا، فَإنَّهَا سَكِينَةٌ وَبَرَكَةٌ، وَإِذَا أَدْرَكَتُكُمُ، وَأَنْتُمْ فِي أَعْطَانِ الإبِلِ؛ فَاخْرُجُوا مِنْهَا، وَصَلُّوا، فَإِنَّهَا جِنٌّ خُلِقَتْ مِنْ جِنٍّ، [أَلاَ تَرَى إِذَا نَفَرَتْ كَيْفَ تَشْمَخُ بِأَنْفِهَا" (?).

والفرق من وجهين:

أحدهما: قال الشافعي -رضي الله عنه- يبين الخبر أنها خلقت من جن] (?)، والصلاة تكره في مأوى الجن والشياطين، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "اخْرُجُوا مِنَ هذَا الْوَادِي، فَإِنَّ فِيهِ شَيْطَاناً" (?).

والثاني: أنه يخاف من نفارها، وذلك يبطل الخشوع، وهذا المعنى لا يوجد في الغنم، ومراح الغنم هو مأواها لَيْلاً، وقد يُصَوَّرَ في الغنم مثل ما صُوِّرَ في أعطان الإبل، وحكمهما واحد، ومأوى الإبل ليلًا كالموضع المعبر عنه بالعطن، نظراً إلى أنها مخلوقة من الجن، ويخاف منها أيضاً، نعم النّفار في الموضع الذي تقف فيه صادرة من المنهل أقرب لاجتماعها، وازدحامها جاثية وذاهبة، فتكون الكراهة فيه أشد، وكل واحد من العطن والمراح إذا كان نجساً بالأبوال والأبعار لم تجز الصلاة فيه، وإن كانا طاهرين صحت مع افتراقهما في الكراهة.

وقال أحمد: لا تصح الصلاة في العطن بحال.

وأما المقبرة فالصلاة فيها مكروهة بكل حال، روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ، إلاَّ الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ" (?). ثم إن كانت جديدة لم تنبش، أو فرش على نبشها ثوباً طاهراً، وصلى صحت صلاته، خلافاً لأحمد، وإن صلى في مقبرة يعلم أن موضع الصلاة منها منبوش لم تصح الصلاة؛ لاختلاط صديد الموتى به، وإن شك في نبشه فقولان سبقاً في نظائر المسألة.

أظهرهما: الجواز؛ لأن الأصل الطهارة، وبه قال [مالك، وابن أبي هريرة] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015