والثاني: تَسْقُطُ؛ لأنه سلم نَفْسَهُ قِصاصًا مما اسْتَوْفَاهُ، فيكتفي (?) بها، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "القَتْلُ كَفَّارَةٌ" (?).
فعلى هذا إنما يَجِبُ إِخْراجُ الكَفَّارَةِ إذا لم يُقْتَصَّ منه، بأن مات، أو عُفِيَ عنه.
الثانية (?): القَتْلُ بالمُباشَرَةِ، كالقَتْلِ بالتَّسَبُّب يستويان في تَعلِيقِ الكَفَّارَةِ بهما، كما يستويان في وُجُوب الضَّمَانِ، حتى تجب الكَفَّارَةُ على حَافِرِ البِئْرِ في مكان التَّعَدِّي وعلى من نَصَبَ شَبَكَةً، فَهَلَكَ بها إِنْسَانٌ، وعلى المُكْره وشَاهِدِ الزُّورِ.
وقال أبو حَنيفَةَ: لا تجب الكَفَّارَةُ بالقتل بالتَّسَبُّبِ.
وقَرُبَ من هذا الخِلاَفِ الخِلاَفُ فيما إذا ضرب بطن (?) حَامِلٍ، فأَلْقَتْ جنينًا مَيّتًا، هل تلزمه الكَفَّارَةُ؟ فعنده لا تَلْزَمُ.
واحتج الأصحاب عليه بما رُوِيَ أن عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- صَاحَ بامْرَأَةٍ، فأَسْقَطَتِ الجَنِينِ، فأعْتَقَ عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- غُرَّةً، وبأنه شخص يضمن بالجنايَةِ للآدمي، فيضمن بالكَفَّارَةِ كالمَوْلُودِ.
الثالثة: القَتْلُ المُبَاحُ لا يوجب الكَفَّارَةَ، وذلك كَقَتْلِ مُسْتَحِقِّ القِصَاصِ الجَانِيَ، وكقتل الصَّائِلِ والبَاغِي.
ويعني بالمُبَاح ما رُخِّصَ فيه، ومُكِّنَ منه. والخَطَأُ لا يُوصَفُ بكونه مُبَاحًا، كما لا يُوصَفُ بكونه حَرَامًا، بل المُخْطِئُ غير مُكَلَّفٍ فيما هو مخطئ فيه.
والثاني: القَاتِلُ، وفيه مسائل:
إحداها: تجب الكَفَّارَةُ على الذِّمِّيِّ والعَبْدِ، كما يَتَعَلَّقُ بقتلهما القِصَاصُ والضَّمانُ، وفي مال الصبي والمَجْنُونِ إذا قَتَلاَ (?) أيضًا ولا تجب عليهما الكَفَّارَةُ بالوِقاَعِ