وأما الكَفَّارَةُ (?) فالأَصْلُ فيها قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وعن واثِلَةَ بن الأَسْقَعِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: أتينا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- في صَاحِبٍ لنا قد اسْتَوْجَبَ النَّارَ بالقَتْلِ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أعْتِقُوا رَقَبَةً يَعْتِقِ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ" (?).
واعلم أن مَسَائِلَ الباب في الكتاب يَرْتَبِطُ بعضها ببعض ارْتباطًا شَدِيدًا، لا يَحْسُنُ حَلُّ رَوابِطِها إلا بعد الوُقُوفِ على فِقْهِهَا.
والباب خَفِيفُ المُؤْنَةِ في نفسه، فَرَأَيْتُ أن آتى بمسائله جَمَّةً (?) في فصل، وأَعُود إلى ما يَتَعَلَّقِ بِنَظْمِ الكتاب، وحلّه في فصل آخر.
أما الفصل الأول، فالكَلاَمُ على ما رتَّبَ في "الوسيط" في الواجب والمُوجِبِ. أما الواجب فَكَفَّارَةُ القَتْل مرتبة، فعليه إِعْتاقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فإن لم يجد فصيام شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ بالنص، فإن (?) لم يَسْتطِعْ، فهل عليه إِطْعَامُ ستين مسكينًا؟ فيه قولان:
وقال القَفَّالُ في "شرح التلخيص": وجهان، وأنكر على صاحب "التلخيص" رِوايَةَ القولين:
أحدهما: أنه يَجِبُ؛ لأنها كَفَّارَةٌ تَشْتَمِلُ على الإعْتاقِ، وعلى صيام شهرين مُتَتابِعَيْنِ، فأشبهت كَفَّارَةَ الظِّهَارِ والوِقاعِ في [نهار] (?) رمضان.