والثاني: نعم، كما لو اشتبه ذلك في الصحراء يتحرى ويصلي، ولو كان ما يلاقي بدنه وثيابه من موضع الصلاة طاهراً، لكن كان ما يحاذي صدره، أو بطنه، أو شيئاً من بدنه في السجود نجساً فهل تصح صلاته؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لأن القدر الذي يوازيه منسوب إليه بكونه مكان صلاته، فيعتبر طهارته كقميصه الفوقاني الذي لا يلاقي بدنه، لما كان منسوباً إليه نعتبر طهارته.

وأصحهما: أن صلاته صحيحة؛ لأنه ليس حاملاً للنجاسة، ولا ملاقياً لها، فصار كما لو صَلَّى على بُسَاطٍ أحد طرفيه نجس تصح صلاته، وإن عد ذلك مصلاة ونسب إليه.

وقوله: (فليكن كل ما يماس بدنه طاهراً) ينبغي أن يعلم بالحاء، وكذا قوله: (فلا بأس بنجاسته) لما ذكرناه، والمراد ما يماس بدنه وثيابه.

وقوله: (وما لا يماس) أي: لا يماسهما، وفي لفظ المماسة إشارة إلى أنه لو كان تحت البساط الذي يصلي عليه نجاسة لم يضر، وإن كان يصلي على نجاسة؛ لأنه لا مماسة، ولو بسط على النجاسة ثوباً مهلهل النسيج وصلى عليه فإن كان يحصل المماسة والالتقاء في الفُرَج لم تصح الصلاة، وإن كان لا يحصل الالتقاء لكن النجاسة تحاذي من الفُرَجِ يده الموضوعة عليه في السجود أو سائر بدنه، فهذا على الوجهين السابقين في نجاسة ما يحاذي صدره.

قال الغزالي: وَقَد نَهَىَ عليه السلام عنِ الصَّلاَةِ فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ: المَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَبَطْنِ الوَادِي وَالحَمَّامِ وَظَهْرِ الكَعْبَةِ وَأَعْطَانِ الإبِلِ (?)، أَمَّا مَسْلَخُ الحَمَّامِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَأَعْطَانُ الإِبِلِ مُجْتَمَعُهَا عِنْدَ الصَّدْرِ عنِ المَنْهَلِ إِذْ لاَ يُؤْمَنُ نِفَارُهَا، هَذَا حُكْمُ النَّجَاسَاتِ الَّتِى لاَ عُذْرَ فِي اسْتِصْحَابِهَا.

قال الرافعي: مما يتعلق بمكان الصلاة الكلام في الأماكن التي ورد النهي عن الصلاة فيها، وقد روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة في سبعة مواطن: المَزْبَلَةِ والمجزَرَةِ، وَقَارِعَةِ الطَّريق، وبطن الوادي، والحَمَّامِ، ومَعَاطِنِ الإبل، وفوق ظهر بيت الله تعالى ويروى بدل بطن الوادي: المَقْبَرَةُ (?).

فأما المزبلة والمجزرة، فالنهي فيهما لنجاسة المكان، فلو فرش (?) عليه ثوباً أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015