وَجَبَ (ح م)، وَإِنْ انْفَصَلَ حَيّاً وَلَوْ عَلَى حَرَكَةِ المَذْبُوحِينَ ثُمَّ مَاتَ فَدِيَةٌ كَامِلَة وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَتِلْكَ الحَيَاةُ لاَ تَدُومُ، بَلْ لَوْ لَمْ تَكُنْ جِنَايَةٌ فَقُتِلَ مِثْلُ هَذَا الجَنِينَ وَجَبَ القِصَاصُ كَقَتْلِ مَرِيضٍ مُشْرِفٍ عَلَى المَوْتِ، وَلَوْ خَرَجَ رَأْسُ الجَنِينِ وَمَاتَتِ الأُمُّ وَجَبَتِ الغُرَّةُ لِتَيَقُّنِ الجَنِينَ، وَقِيلَ: لاَ يَجِبُ لِعَدَمِ الانْفِصَالِ، وَكَذَا الوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ قُدَّتْ بِنِصْفَينَ فَانْكَشَفَ الجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَكَذَا الوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ خَرَجَ رَأسُ الجَنِينِ فَصَاحَ فحُرَّتْ رَقَبَتُهُ، فَمَنْ لاَ لاَ يَعْتَدُّ بِهَذَا الانْفِصَالِ لاَ يُوجِبُ القِصَاصَ وَلاَ كَمَالَ الدِّيَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: مقصود (?) القسم الكَلاَمُ في دِيَةِ الجَنِينَ، والأصل فيها مَا رُوِيَ عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن امْرَأَتَيْنِ مِنْ "هُذَيْلٍ" رَمَتْ إحداهما الأخرى، فَطَرَحَتْ جنينها، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِغُرَّةِ عَبْدٍ أو وَلِيدَةٍ، ويروى: "فَضَرَبَتْ إحداهما الأخرى بِحَجَرٍ فقتلتها وما في جوفها، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجنين بِغُرَّةِ عَبْدٍ أو أَمَةٍ، ويروى: "فقضى بِدِيَةِ جَنِينِهَا غُرَّةَ عَبْدٍ أو أَمَةٍ" (?)، فقال بعضهم: كيف يَدِي من لا شرب ولا أكل ولا صاح، ولا استهل، ومثل ذلك يُطَلُّ -ويروى: بَطُلَ بدل يُطَلّ-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ"، ويروى: "أَسَجْعَاً كَسَجْعِ الْجَاهِلِيَّةِ؟ " يقال: غُرَّةُ عَبْدٍ أو أَمَةٍ على الإِضَافَةِ، ويروى: (?) "غرةٌ عَبْدٌ أو أَمةٌ" على البَدَلِ، والغرَّةُ: الخيار.
ويقال: طُلَّ دمه أي: أهدر (?).
ورتب مسائل القِسْمَ على أَطرَافِ: المُوجِب، وما تَجِبُ فيه، والوَاجِب بصفاته، وأما من يَجِبُ عليه، فلم يُفْرِدْهُ بِتَرْجَمَةٍ، وذكره في آخر القِسْمِ.
أما الأول، فقد قال: المُوجِبُ، وهو جِنَايَةٌ توجب انْفِصَالَ الجَنِينِ ميَّتاً، وقد تَعَرَّضَ في الضابط لقيود:
أحدها: الجِنَايَةُ، والمقصود ما يُؤَثَّرُ في الجنين من ضَرْبٍ، وإيجَارِ دَوَاءٍ (?) ونحوهما، ولا أَثَر لِلطَّمَّةِ الخَفِيفَةِ، وما في معناها كما لا يُؤَثِّرُ في الدِّيَةِ.