فلا يجوز لها الوصل بغير إذنه، لأنه تغرير له، وتلبيس عليه، وإن وصلت بإذنه فوجهان:
أحدهما: المنع أيضاً؛ العموم الخبر.
وأقيسهما وأظهرهما: الجواز كسائر وجوه الزينة المحببة إلى الزوج.
وقال الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ومتبعوه: لا يحرم، ولا يكره إذا كان لها زوج، ولم يفرقوا بين أن يأذن، أو لا يأذن، وسوي ابن كج بين حالتي الإذن وعدمه، وحَكَى في الجواز وجهين فيهما، هذا حاصل المسألة. وقوله: (وعلة تحريم الوصل) يوهم الجزم بالتحريم على الإطلاق، ورد الكلام إلى العلة؛ لكنه لم يرد ذلك؛ ألا تراه يقول آخراً: (لم يحرم على أقيس الوجهين). وإنما أراد أن يبين مواضع التحريم؛ خلافاً ووفاقاً مع التعرض للمعاني الموجبة للتحريم، فقوله: (إما أن يكون نجساً)، أي: فيحرم. وهو إشارة إلى قسم النَّجِسِ من الشُّعْورِ، وغير النجس على ما ذكرناه في شعر الآدمي.
وقوله: (أو شعر أجنبي) إشارة إليه، وأما شعر غيره، وهو قوله: (أو شعر بهيمة) وإنما قال: (أو شعر أجنبي)، لأنه أراد التعليل بالمعنى الثاني على ما سبق، دون المعنى الأول، وهو كرامة الآدمي، والشَّعْرُ الموصول مبان فبين أن في تحريم النظر إلى العضو المبان وجهين؛ ليعرف أن التحريم معللاً بهذا المعنى إنما يستمر على قولنا بتحريم النظر.
واعلم أنه نص في هذا الموضع على وجهين في تحريم النظر، والذي أجاب به في أول كتاب النكاح، إنما هو التحريم، حيث قال: (والعضو المبان كالمتصل)، وسنشرح المسألة ثم -إن شاء الله تعالى-.
وقوله: (فهي متعرضة للتهمة)، أي: فيحرم عليها، وكذا قوله: (فهي ملبسة عليه)، وكأنه حذف ذكر التحريم اكتفاء بقوله أولاً: (وعلة تحريم الوصل) ولا بأس لو أعلمت قوله: (إما أن يكون نجساً) بالحاء، والواو؛ لأن عنده الشَّعْر لا يكون نجساً أصلاً، وهو قول لنا، وأما قوله: (وفي تحمير الوجنة (?) تردد) فاعلم أن الصيدلاني، والقاضي الحسين ذكرا في طريقهما أن تحمير الوجنة كوصل الشَّعْرِ الطاهر، فلا يجوز إن كانت المرأة خلية، ولا إذا كانت ذات زوج ولم يأذن لها، وإن فعلته بإذنه ففيه وجهان، واستبعد إمام الحرمين -قدس الله روحه- الخلاف فيما إذا كان بإذن الزَّوْجِ، وخصه بالوَصْل؛ لأنه ورد فيه النَّهْيُ، وفيه تغيير للخِلْقَة، وليس في التحْمِير نَهْيً، وَلا