لا يجب، وقد اختلف كلام الناقلين في الوجه المقابل له، وهو أنه ينزع، منهم من روى الوجوب، ومنهم من قال: الأولى النزع.
وقوله: (لأنه ميت كله)، لفظ الشافعي -رضي الله عنه- قال في "المختصر": "فإن مات صار ميتاً كله، والله حسيبه" أي: محاسبه، فإن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه، واختلفوا في معنى قوله: (صار ميتاً) منهم من قال: أراد أنه صار نجساً كله، مثل ذلك العظم، فلا معنى لقلعه، واستخرجوا من هذا اللفظ أن له قولاً في نجاسة الآدمي بالموت [ومنهم من قال: أراد أنه سقط عنه حكم التكليف بالموت] (?) وكنا نأمره بالقلع لحق الصلاة، فلا حاجة إلى النزع الآن، واعلم أن مداواة الجرح بالدواء النجس، والخيط النجس كالوصل بالعظم النجس، فيجب النزع، حيث يجب نزع العظم النجس، وكذا لو شق موضعاً من بدنه، وجعل فيه دماً، وكذا لو وشم يده بالنؤورة، أو العِظْلِم (?) فإنه ينجس عند الغرز، وحكى عن "تعليق" الفراء أنه يزال الوشم بالعلاج، فإن لم يمكن إلا بالجرح لا يجرح، ولا إثم عليه بعد التوبة.
قال الغزالي: الثَّانِيَةُ: قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: لَعَنَ الله الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوصِلَةَ وَالوَاشِمَةَ والمُسْتَوشِمَةَ وَالوَاشِرَةَ وَالمُسْتَوشِرَةَ (?)، وَعِلَّةُ تَحْرِيمِ الوَصْلِ أَنَّ الشَّعْرَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ نَجِسًا أو شَعْرَ أجْنَبيِّ لاَ يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُبَانًا عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، فَإِنْ كَانَ شَعْرَ بَهِيمَةٍ وَلَمْ تَكُنِ المَرْأَةُ ذَاتَ زَوْجٍ فَهِيَ مُتَعَرضَةَ لِلتُّهْمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ فَهِيَ مُلَبِّسَةٌ عَلَيْهِ، وإنْ كانَ بإذْنِ الزَّوْجِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى أَقْيَسِ الوَجْهَيْنِ، وَفِي تَحْمِيرِ الوَجْنَةِ تَرَدُّدٌ فِي إلْحَاقِهِ بِالوَصْلِ.
قال الرافعي: المسألة الثانية: "وصل الشَّعْرِ" والأصل فيه ما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوشِمَةَ، وَالْوَاشِرَةَ وَالْمُسْتَوْشِرَةَ".
قال علماء العرب: الوَاصِلَة: هي التي تَصْلُ الشَّعْرُ بِشَعْرٍ آخرَ.
والمستوصلة: هي التي تسأل أن يفعل بها ذلك.