اللَّحْمُ وَاسْتَعَدَّتْ لِلمَضْغِ حُكُومَةٌ عَلَى أَحَدِ القَوْلَيْنِ، وَفِي قَطْعِ نِصْفِ السِّنِّ نِصْفُ الأَرْشِ، وَفِي إِدْخَالِ السِّنْخِ فِي حِسَابِ السِّنَّةِ وَجْهَانِ، وَبَقِيَّةُ الذَّكَرِ مِنَ الحَشَفَةِ، وَحَلَمَةُ الثَّدْيَيْنِ مِنَ الجُمْلَةِ، وَقَصَبَةُ الأَنْفِ مِنَ المَارِنِ كَالسِّنِّ مِنَ السِّنْخِ فِي أَنَّ حُكُومَتَهَا هَلْ تَنْدَرجُ عِنْدَ الاسْتِئْصَالِ؟ وَفِيهِ وَجْهٌ أنَّهُ يَجِبُ بِجَمِيعِهَا حُكُومَةٌ إِذَا اسْتُؤْصِلَتْ مَعَ دِيَةٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: يجب في كلِّ سنٍّ من الذَّكَر الحُرِّ المسْلِمِ خمْسٌ من الإبل، لما روي في كتاب عَمْرو بن حَزْم -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الذي كتبه رسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإبِلِ" (?)، وعن عبد الله بن عَمْرو بن العاص -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؛ أن النبىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "فِي كُلِّ سِنِّ خَمْسٌ مِنَ الإبِلِ" (?)، ولا فرق في وجوب الدية بين أن يكونَ تفويتُ السن بالقلع، أو القطع، أو الكسر، ولو قلع سنه، فبقيت متعلِّقة بعروق، ثم عادت إلى ما كانت، ذكر الرويانيُّ في "جمع الجوامع"؛ أنه لا دية؛ لأن الدية إنما تجبُ بالإبانة، ولم توجد، وعليه حكومة الجناية، وتستوي الأسنان في الدية، وإن اختلفتْ منافعها؛ لما روي عن ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: "جَعَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَصَابعَ اليَدِ وَالرِّجْلِ سَوَاءً" (?)، وقال: الأسنانُ سواءٌ، الثَّنِيَّةُ والضِّرْس سواءٌ، وهذه [وهذه] (?) سواء، واختصاص بعضها بزيادةِ طولٍ لا يوجب الاختصاص بمزيد بدلٍ؛ كما في الأصابع، وضبط صاحب الكتاب القيودَ التي تعتبر في السنِّ لتكميل الدية؛ فقال: "في كلِّ سِنٍّ تَامَّةٍ أَصْلِيَّةٍ ... " إلى آخره، وهي أربعة:

الأول: أن تكون أصليةً؛ ففي السن الشاغية الحكومة دونَ الدية (?)، ولو سقطَتْ سنَّة، فاتخذ سنّاً من ذهب، أو حديد، أو عظم ظاهِرٍ، لم يلزم بقلعها الديةُ، وأما الحكومة، فإن قلعت قبل الالتحام، لم يلزم أيضاً، ولكن يعزر القالع، وإن قلعت بعد تشبُّث اللحم بها، واستعدادها للمضغ والقطع، فقولان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015