ويقال: إن المزنيَّ قال بطريقة القولَيْن، وأن اختياره القولُ الثاني.

والثانية: حكَى أصحابُنا العراقيُّون عن أبي إسحاق تخريجَ قَوْلٍ من نصِّه على أن سراية الأجسام لا تُضْمَن بالقصاص في الضوء، والامتناع من التخريج في الأجسام من الضَّوْء، وإذا أوجبْنا القصاصَ في ضَوْء البصَرِ بالسراية، فالذي صحَّحه الإمامُ روايةً ونقلاً؛ أن السمع كالبصر (?)، وحكى فيما إذا بطَل بطْشُ عضو بالسراية تردُّداً عن الأصحاب، منْهم مَنْ ألحقه بلطيفتي السمْع والبصَرِ، وبه قال صاحب "التقريب" ومنْهم مَنْ رأَى البطْش عسر الإزالة كالأجسام، وإلَيه ميل الشيخ أَبي محمَّد، وفي العقل أيضاً؛ لبُعْده عن التناوُلِ بالسراية، وإن كان من اللَّطَائف.

[قال:] ولا يَبْعُد أن يلحق الكلام بالبَصَر ورتبها فجعل البصر والسمع في درجةٍ، ويليهما الكلامُ، ويليه البطشُ، وتليه العقْل، وذكر صاحب "المهذب" في أنه لو جَنَى عَلَى رأسِه، فذهب عقْله، أو على أنْفِهِ، فذهب شمُّه أو على أُذُنِهِ، فذهب سمعه، لم يجب القصاص في العقْل والسمْع والشمِّ؛ لأن هذه المعاني في غير محَلِّ الجناية، فلا يمكن القصاص فيها، وهذا القَدْر من التوجيه يُشْكل بمسالة الضْوء على أن الأقْرَبَ في العقْل منع القصاص؛ لأنَّه لا يوثَقُ بالمعالجة بما يزيله، ويشبه أن يُرَجّح في البطش والشم الوجوب، وفي معناها الذَّوْق (?)؛ لأن لها محالَّ مضبوطةً وعنْد أهل الخِبْرة طرق في إبطالها، فإذا ذهب ضَوْءُ العَيْنِ بالموضَّحة، واقتصَصْنا في الموضحة، فلمَ يَذْهَب ضوء عين الجاني، أذهب بأخف ما يمكن من تقريب حديدة محمَّاةٍ من حدَقَتِهِ أو طرْح كافورٍ ونحْوه فيها، وإن ذهَب ضوْء الجاني، حصَل القصاص، وفيه شيءٌ سيأتي -إن شاء الله تعالى- في المسألة الثانية الآتي ذكرها، ولو هَشَم رأْسَهُ، فذهب ضوء عينه، عولج بما يُزِيل الضوْءَ، ولا يقابل الهشْم بالهشْم، كما تقدَّم، ولو لطمه، فذهب ضوء عيْنَيِه، واللطمةُ بحيث تذهب الضوء غالباً فالحكاية عن نصِّه في "الأم" أنه يُلْطَم مثل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015