وَإتْلاَفُ مَالِ الغَيْرِ بَلْ يَجِبُ، وَيُبَاحُ بِهِ كَلِمَةُ الرِّدَّةِ، وَهَلْ يَجِبُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الإكراه عَلَى القتل المحرَّم لا يبيحه بل يبقى مأثوماً به، كما كان (?) بالاتفاق، وكذا للإكراه على الزِّنَا (?) وهذا في الزنا يتفرَّع على الصحيح، وهو أنه يتصور الإكراه في الزِّنَا، ومن الأصحاب من أحاله، وقال: الانتشار لا يتحقَّق إلا مع نشاط النفس وانبساط الشَّهْوة، وذلك لا يحصل مع الإكراه، وقيل في الجواب عنه: هَبْ أنه كذلك، لكن الانتشار ليْسَ بشرْطٍ في الزنا، وإنما يعتمد في الزنا الإيلاج، والإكراهُ لا ينافيه.

وأما أنَّ الإكراه هل يُسْقِط الحدَّ، فسيأتي -إن شاء الله تعالى- "في باب حد الزنا" بحسن تيسيره.

ويباح بالإكراه شربُ الخمر استبقاء للمهجة، كما إذا غصَّ بلقمة، ولم يجدْ ما يسيغها، سوى الخمر، [كان]، له أنَّ يسيغها بالخمر، وكذلك الإفطارُ في نهار رمضان واتلاف مال (?) الغير يباحان بالإكراه، وفي معنى الإفطار الخروجُ من صلاة الفرض، ويباح بالإكراه أيضاً كلمةُ الردَّة على ما قال تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] وهل يجب التلفُّظ بها فيه؟ وجهان: أحدهما: نعم حفظاً لنفسه كما يجب دفع الهلاك بتَنَاوُلِ الميتة.

وأصحُّهما: المنع مصابرةً وثباتًا على الدين، كما يعرض النفس للقتْلِ جهاداً أو ذَبَّاً عن الدين، وعلى هذا فالأفضل أن يثبت ولا يتكلَّم بكلمة الردَّةِ، رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "كَانَ الرَّجُلُ ممن كَانَ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فيه فَيُجَاءُ بِالمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيَشُقُّ نِصْفَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ عَنْ دِينِهِ، ويُمَشَّطُ بِأمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ وعَصَب، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ" (?).

ومن الأصحاب من قال: إن كان ممَّن يَتَوقَّع منه النكاية في العدوِّ أو القيام بأحكام الشرع، فالأفضل أن يتكلّم بها، ويدفع القتل عن نفس هـ؛ لما في بقائه من الصلاح،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015