وحكى القاضي الرويانيُّ وجهاً آخَرَ: أن الأعمام يتقدَّمون علي بني الإخْوة (?)، وفي الأخ منْ الأمِّ وجْه: أنه يتأخَّر عن الأعمام؛ لاختصاص العَمِّ بالعصوبة والولادة، والظاهر تقديمه عليهم لاختصاصه بمزيد القُرْب والشفقة، وعلى ذلك يُبْنَى أمر الحضانة، بخلاف ولاية النكاح؛ فإنها منوطَةٌ بمن يدفع العار عن النسب، والوجهان فيمَنْ يُقدَّم ويُؤخَّر من الأخ للأم والعمِّ مذكوران في الكتاب، ويجوز أن يُعْلَم قوله: "فَيَتَرَتَّبُونَ ترتيب العَصَبات" بالواو؛ لأن ترتيبهم مبنيٌّ على ثبوت الحضانة لجَمِيعِهِمْ، وقد ذكَرْنا وجْهاً: أنه لا حضانة إلا للأبِ والجَدِّ، وأيضاً، للوجه المرويُّ بتقديم الأعمام علي بني الإخوة، فإنهم على ذلك الوجْه لا يترتَّبون ترتيب العصبات، وقوله: "إلا الأخ للأم" ليس الغرض استثناء الأخ من العصبات؛ فإنه لا يَدْخُل فيهم، بل المعْنَى إلا أن الأخ من الأم يدْخُل فيهم، ولا مدخل له في ترتيب العصبات، ولفظ "الوسيط" يترتَّبون ترتيب العصبات في الولاية فإنهم باجمعهم أولياءُ يترتَّبون ترتيبهم في الولاية؛ إلا الأخ من الأم ثم ذكر حكمه وقوله "وعن إخوة الأب" مُعْلَم بالواو ولوجه ابن سُرَيْجٍ -رحمه الله-.
القسم الثاني: الوارِثُ الذي ليْسَ بمَحْرَم كابْنِ العَمِّ وابنه وابن عم الأب والجد، والوجه المذكورُ في غَيْر الأبِ والجَدِّ من المحارم الوارثين يجيْء فيهم بطريق الأوْلَى، والظاهر ثبوتُ الحَضَانَةِ، فإن كَان الولد ذكراً أو صغيرةً لا تُشْتَهى مِثْلُها سلمت إليه وأنْ بلَغَتْ حَدّاً يشتهى مثلُها لم تسلَّم إليه، ولكن له أن يطالب بتسليمها إلى امرأة ثِقَةٍ، وتُعْطى أجرتَهَا، فلو كانت له بنْتٌ، سُلِّمت إليه، وإذا أثبتنا الحضانَةَ لهؤلاء، ففي ثبوتها للمُعْتَقِ وجهان:
أحدهما: تثبت؛ لأنَّ حقَّ الولاء يَلْحَق بالقرابة في الإرْث، وتحمل العَقْلَ وولاية النِّكَاح، فكذلك في الحضانة.
وأظهرهما: المنْعُ؛ لعدم القرابة التي هي مظنة الشفقة؛ وعلى هذا، فلو كانَتْ له قرابةٌ، وهناك مَنْ هو أقرب منه، فهل يترجَّح لانضمام عصوبة الولاء إلى عصوبة القرابة فيه وجهان نقلهما القاضي الرويانيُّ.
ومثاله: عم أب مُعْتَق (?)، وعمُّ [القسم] الثالث المَحْرَم، والذي ليس بوارث