أصحُّهما: نعم، كما لو ماتت أو جُنَّت.
والثاني: وبه قال ابن الحدَّاد: لا؛ لأن أصليتها باقية، وإنما تركت حقها، بخلاف ما إذا ماتت أو جُنَّتْ، فصار كولاية التَّزْويج، إذا مات الأقرب أو جُنَّ، يُزَوَّج الأبعد، وإذا غاب أو عضل ينوب عنْه السلطان، [ولا يزوج الأبعد، وذكروا على هذا: أن الحضانة تَكُونُ للأب ونزلوه منزلة السلطان،] (?) وهو بعيد، وحق التشبيه بولاية النكاح أن تكُونَ الحضانة للسُّلْطان؛ ولذلك حكاه في "التتمة" عن ابن الحدَّاد.
والصحيح: [أنه] مهما امتنع الأقرب عن الحضانة، تكون الحضانة لِمَنْ يليه، لا للسلطان؛ لأنَّ الحضانة لحظ الطفل، فتفويضها إلى القريب الذي هو أشفق وأشدُّ اهتماماً به وأكْرَمُ إِعَالَة أَوْلَى، بخلاف ولاية النكاح؛ لأن الغائب يمكنه التَّزْوِيج في الغيبة، فإذا لم يفعل، ناب عنه السُّلْطَان، ولا يمْكنه الحضانة في الغَيْبَة، فصار كما إذا نَكَحَت مستحقة الحضانة لم يمكنها القيامُ بها، سَقَط حقُّها، وانتقل إلى مَنْ بعدها، والله أعلمُ.
وليُعْلَمُ قوله في الكتاب: "أن تَكُونَ الأُمُّ مُسْلِمَةً" بالواو وبالحاء؛ لأن عن أبي هريرة وغيره من الأصحاب أنَّ عند أبي حنيفة [لا] يبْطُل حق الحضانة بالكفر، وأعلم بالواو قوله: "إلا إذا نَكَحَتْ عمَّ الطفل أو مَحَارِمَه" واحتج في "التتمة" لبقاء حق الحضانة، إذا نكحت مستحقة الحضانة مَنْ له حقُّ [في] الحضانة، أو إذا كانت في نكاح مثله؛ لِمَا رُوِيَ أن عليّاً وجعفراً وزيْدَ بْنَ حارِثَة -رضي الله عنهم- تنازعوا في حضانة بنت حمزة -رضي الله عنه- بعْدما استشهد، فقال عليٌّ -كرم الله وجهه-: بِنْتُ عَمِّي وعندي بنت رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وقال زَيْدٌ -رضي الله عنه-: بِنْتُ أَخِي، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَدْ آخى بيْن زَيْدٍ وحمزةَ، وقال جعفرٌ -رضي الله عنه-: الحضانة لي في بِنْتُ عَمِّي وعنْدي خالتها (?)، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخَالَةُ أُمٌّ وَسَلَّمَهَا إلى جَعْفَرٍ وجعل لها الحضانة، وهي ذات زوج (?).
وقوله: "وإن كانت رجعية" مُعْلَم بالحاء والزاي.