والثاني: القطْع بأنها على البنْت، ويُحْكَى هذا عن القاضي أبي حامد وغيره، وكأنهم اعتمدوا في الإيجاب على الأب معنى الولاية واستصحابِ مَا كَانَ في الصِّغَر والذكورة، وهذه المعانِي لا تُوجَدُ في الأم. أمٌّ وابْنٌ، فيه طريقان:
أحدهما: طَرْدُ الأوجه الثلاثة.
والثاني: القطْعُ بتقديم الابْنِ؛ لضعف الإناث، وبُعْدِ حالهن عن تَحمُّلِ المؤنات عن الغَيْرِ، ويجري الطريقان في جَدٍّ وابْنٍ، وفي أبٍ وابنِ ابنٍ أقوى (?).
قال في "التهذيب": والأصحُّ أنه لا نفقة على الأصول ما دام يوجد واحدٌ من الفروع قريباً كان أو بعيداً، ذكراً كان أو أنْثَى.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: الطَّرَفُ الرَّابعُ فِي ازْدِحَامِ الآخِذِينَ فَإِذَا لَمْ يَفضُلْ مِنْهُ إِلاَّ قُوتٌ وَاحِدٌ فَالزَّوْجَةُ أَوْلَى، وَفِي الأَبْعَاضِ تعُودُ الطُّرُقُ، وَلَكِنَّ الأُنُوثَةَ هَهُنَا تَرْجَحُ لِلآخِذِ -لِلأخْذِ حَيْثُ رَجَّحْنَا، ثُمَّ الذُّكُورَةُ فِي الالْتِزَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَهُنَا لاَ يُؤثِّرُ تَفَاوُتُ الإِرْثِ، ثُمَّ إِنِ اسْتَوَوْا وُزِّعَ عَلَيْهِمْ، فَإنْ كَانَ قَلِيلاً أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا اجتمع على الشَّخْص الواحِدِ محتاجون، يلزمه نفَقَةُ كلِّ واحدٍ منهم، نُظِرَ إن وَفَّى مالُه أو كَسْبُه بنفقتهم، فعلَيْهِ نفقة الجميعِ القريب منْهم والبعيد، وإن لم يَفِ بالكل، ولم يكْفِ ما يفضل عنه إلا نفقة واحدٍ، فيُقدَّم نفقَةُ الزوجَةِ، على نفقة الأقارب؛ وذلك لأنها أثبت وأقْوَى؛ ألا ترى أنَّهَا لا تَسْقُطُ بغناها، [ولا بإعساره] ولا بِمُضِيِّ الزمان، وبأنها وجبت عِوَضاً، والنفقة على القَرِيبِ مواساةً والعِوَضُ أوْلَى بالرعاية مِنَ المواساة، واعترض الإِمام بأنها إذا كانت كذلك، كانت [كالديون] (?)، ونفقة القريب من مال المُفْلِس، تُقَدَّم على الديون، وخَرَّج لذلك احتمالاً في المسألة، وأيَّده بما رُوِيَ أن رجلاً جاء إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: "مَعِي دِينَارٌ، فَقَالَ: أَنْفقْهُ عَلَى نَفْسِكَ، فَقَالَ: مَعِي آخَرُ، فَقَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِك، قَالَ مَعِي آخَرُ، فَقَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلِكَ" (?) فقدَّم نفقةَ