والثاني: يُوزِّع عليهما؛ لتعارض القرب والعصوبة، وإذا وزعت عليهما، فيسوى أو يثلَّث؟ فيه الوجهان، ويحكى التثليث عن أبي حنيفة وأحمد -رحمهما الله- وإن اجتمع اثنان من الأجْدَاد والجدات، نُظِرَ؛ إن كان أحدهما يُدْلِي بالآخر، فالنفقة على القريب دُون البَعِيد، وإلا، ففيه طرق:
أحدها: اعتبار القْرْبِ.
والثاني: اعتبار الإرث على ما ذَكَرْنا في طَرَف الفُرُوع.
والثالث: وهو اختيار المَسْعوديِّ: أن الاعتبار بولاية المَالِ، فإنها تُشعِر بتفويض التربية إلَيْه، وقد يحتج له أيضاً بأن النفقة عند اجتماع الأم والأب على الأَبِ، فإنْ لم يكُنْ لِوَاحِدٍ منهما ولايةٌ وأحدهما يُدْلِي بالوليِّ أو هو أقرب إدلاء بالولِيِّ، فالنفقة عليه، فإن استويا في الإدلاء به وجوداً وعدماً واعتبر فيه القرب والمراد في هذه الطريقة من الولاية الجهةُ التي تُفِيدها, لا نفْس الولاية التي قد يمنع منْها مانع مع قيام الجهة.
والرابع: أن الاعتبار بالذُّكورة، فالنفقة على الذكر فإن كانا ذكَرَيْن أو انثَيَيْن، فالنفقة على المُدْلِي بالذَّكَر، فإنِ اسْتَوَيَا، اعتبر (?) القرب.
والخامس: أنه يُعْتَبَر الإرث والذكورة معاً، فإن اختص أحدهما بالمعنيين، فالنفقة عليه، وإن وُجِدَا فيهما، أو لم يُوجَدَا أو وُجِدَ أحدهما في أحدهما، والثاني في الثاني، فيعتبر القرب، ويُجْبَر على هذه الطريقة فِقْدَان كلِّ واحدٍ من المعنيين بالآخر.
الأمثلة:
اجتمع أبُ الأبِ وأبُ الأمِّ, إن اكتفينا بالقرب سوَّيْنا بينهما، وإن اعتبرنا الإرْثَ أو الولاية فالنفقة على أَبِ الأبِ.
أمُّ الأب وأمْ الأم، إن اعتبرنا القُرْبَ أو الإرْث، سوَّينا بينهما، وإن اعتبرنا الإدْلاء بالولي أو بالذَّكَر، فهي على أمِّ الأبِ أب الأم وأم الأب، إن اعتبرنا القرب، فهما سواءٌ، وإن اعتبرنا الإرث أو الإدلاء بالوليِّ، فهي على أم الأب، وعلى الطريقة الخامسة يُجْبَرُ فِقْدَانُ الإرث في أب الأم بالذكورة، وفِقْدانُ الذكورة في أم الأب بالوراثة، فيستويان، وخَرَّج بعضهم الخلافَ في اجتماع الجَدِّ والأمِّ على هذه الطرق، وقال: إن اعتبرنا القُرْب، فالنفقة على الأمِّ، وإن اعتبرنا الإرْثَ، فهي عليهما، وإن اعتبرنا الولاية